تُرى لماذا نحتفل هذا العام ككنيسة إنجيلية مع كل الكنائس المصلحة في العالم بمرور 500 سنة على الإصلاح؟
نحن نقرأ، وندرس، ونحتفل بالتاريخ لا ليكون قيدًا يُكبلنا، بل قوة تحرير و دفع للحاضر والمستقبل، فمن ليس له ماضي ليس له حاضر ولا مستقبل، نحن نحتفل لنتذكر، ومن ثم نتعلم ألا ننكر فضل من سبقونا، وفي نفس الوقت نتحاشى أخطاءهم، فنحن ندرس بعقل منفتح، وعين ناقدة، لا لنحكم على السابقين بمقاييس اليوم ومعطياته، بل لنغير ونصلح من أنفسنا، فالماضي مصباح في يد الحاضر.
نحن نحتفل لنتذكر فذاكرتنا ضعيفة وعرضة للنسيان، ولنتعرف على من أطلقوا الشرارة الأولى، ووضعوا اللبنة الأولى في صرح الإصلاح، فنرد الفضل لأصحابه، ولا سيما من أسهموا إسهامات كبيرة رغم ظروفهم مقارنة بظروفنا حيث التقدم التكنولوجي في كل المجالات خاصة الاتصالات، والطباعة.عندما نحتفل نرى مدى عناية الرب بالكنيسة، وإنه لم يتركها، كما لم يترك نفسه بلا شاهد، ونتيقن إن ضوء أصغر شمعة( لوثر) يقشع ظلمات كثيفة (فساد الكهنة آنذاك) كذلك نرى كم الشجاعة، والتضحيات التي قدمها المصلحون، في وقت كان الفساد والجهل طاغيًا، على صدور الكل. كذلك نحتفل لنعطي المجد من قبل وبعد لله وحده، الذي حفظ كنيسته رغم الأمواج العاتية.
ماذا كان الغرض الرئيس من الإصلاح؟ لم يكن لوثر أو غيره من المُصلحين يريد إثبات ذاته، أو يظهر عيوب غيره، لم يكن غرضهم إنقلابًا على كنيستهم آنذاك، بل إصلاحها لتكون حسب فكر الرب في (أعمال2)، كان هدفهم إعلان إن البار بالإيمان يحيا (رومية 1: 17)، والتركيز على مجد الله، لا القيادات الدينية. إن غايتهم كانت خدمة الإنسان بتحريره من الجهل الروحي، والعقلي، ومن قبضة رجال الدين، ليعبدوا الرب بحرية، ويقرأوا الكتاب ويفهموه فيستمتعوا به، ومن أقوال كالفن «العبادة اجتماع بين الله وشعبه، وليس بين الله والكهنة فقط» فالفرد العادي ليس أقل من الكاهن، فكلنا واحد في المسيح، وكلنا ملوك وكهنة رؤ1: 6، 5: 10 .
إذًا فالإصلاح ليس انقلابا، بل عودة بالكنيسة للوضع الكتابي الصحيح.