"مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي اللهِ؟
اللَّهُ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُ! مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟
الْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضاً
الَّذِي هُوَ أَيْضاً عَنْ يَمِينِ اللهِ الَّذِي أَيْضاً يَشْفَعُ فِينَا!"
(رومية 8: 33، 34).
إنَّ مبدأ "مثابرة القديسين"، وبالإنجليزيّة "Perseverance of the Saints"، أو "الضمان الأبدي للمؤمنين"، يؤكد على أنَّ أولئك الذين سبق الله واختارهم وعيَّنهم للخلاص،
وجذبهم إليه بالروح القدس، سيثبتون في الإيمان، ولن يهلك منهم أحداً، تأكيداً لقول المسيح: "خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي" (يوحنا10: 27-28).
في هذا المبدأ نقف أمام مصطلحين في غاية الأهمية، "مثابرة"، "قديسين"، فما هو المقصود بكل من هذين المصطلحين؟ ومع أنَّ مصطلح "مثابرة" لم يأت في الكتاب المقدس سوى مرة واحدة في (1كورنثوس 7: 35)، إلا أنَّ الفكرة موجودة بكثرة في الكتاب المقدس، والمقصود "بالمثابرة"، أنَّه على الرغم من كل المخاطر التي تُحيط بالمؤمنين، إلا أنهم يسيرون بآمانٍ غير متزعزعين، وهذا ما يؤكده الرسول بولس ناصحاً: "إِذاً يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ كُونُوا رَاسِخِينَ غَيْرَ مُتَزَعْزِعِينَ مُكْثِرِينَ فِي عَمَلِ الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ عَالِمِينَ أَنَّ تَعَبَكُمْ لَيْسَ بَاطِلاً فِي الرَّبِّ" (1كورنثوس 15: 58)، أما مصطلح "قديس"، لا يجب أن يُفهم خارج سياق وتعريف الكتاب المقدس، فالقديس هو المؤمن المُختار من الله، ونقرأ كثيراً مثل هذه العبارات، "إِلَى كَنِيسَةِ اللهِ الَّتِي فِي كُورِنْثُوسَ الْمُقَدَّسِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ الْمَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ مَعَ جَمِيعِ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَهُمْ وَلَنَا" (1كورنثوس 1: 2).
لذا لا يمكن أن نفهم مبدأ "مثابرة القديسين"، بمعزلٍ عن المبادئ الأربعة السابقة، فعندما شرح كالفن كيفية سقوط الإنسان وفساد طبيعته، وعجزه الكُلّي، أوضح أن هبة المثابرة لم تكن قد مُنحت للإنسان الأول، فسقط بسهولة، على أن المختارين الذين سبق الله وعيَّنهم للخلاص بيسوع المسيح، فإن ضمانهم الأبدي يأتي من طبيعة الحياة الجديدة التي نالها كل مؤمن بالمسيح وفيه أيضاً، يكتب بطرس الرسول قائلاً: "مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ." (1بطرس 1: 23)، المؤمنون "اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ" (يوحنا 1: 13).
كذلك يُعزى الضمان الأبدي للمؤمنين، في وعود الله، يقول: يقول: "وَأَقْطَعُ لَهُمْ عَهْداً أَبَدِيّاً أَنِّي لاَ أَرْجِعُ عَنْهُمْ لأُحْسِنَ إِلَيْهِمْ، وَأَجْعَلُ مَخَافَتِي فِي قُلُوبِهِمْ فَلاَ يَحِيدُونَ عَنِّي" (إرميا 32: 40)، وفي وعد المسيح ".. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ.." (يوحنا 10: 28).
إن الضمان الأبدي للمؤمن لا يقوم على ثبات المؤمن، بقدر ما يقوم على صدق وثبات مواعيد الله.