قانون الإيمان المسمّى بالأثناسي، ويُنسب إلى أثناسيوس الذي كان أسقف الإسكندرية من نحو سنة 328-373م ورئيس الحزب الأرثوذكسي المضاد لزعيم الهراطقة أريوس، ولكن العلماء المتأخرين أجمعوا على نسبته إلى أصل آخر ونسبوه إلى شمال أفريقيا إلى تابعي أغسطينوس. قال »شاف«إن صورته الكاملة لم تظهر قبل نهاية القرن الثامن.
وهذاالقانون مقبول في الكنائس التقليدية والأسقفية، غير أن الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية، والكنيسة الأسقفية في أمريكا حذفتاه من كتاب الصلوات لما فيه من اللعنات. وهو من أفضل الصور المقررة لإيمان كل المسيحيين، وإنما اعتُرض على ما فيه من اللعنات التي لا تصحّ إضافتها إلى قانون إيمان يحمل أخباراً مفرحة في موضوع سامٍ وعميق مثل موضوع هذا القانون. وأما صورته فهي:
«(1) كل منْ ابتغى الخلاص وجب عليه قبل كل شيء أن يتمسك بالإيمان الكاثوليكي (أي الإيمان الجامع العام للكنيسة المسيحية). (2) وكل من لا يحفظ هذا الإيمان دون إفساد يهلك بدون شك هلاكاً أبدياً. (3) والإيمان الكاثوليكي هو أن نعبد إلهاً واحداً في تثليث، وثالوثاً في توحيد. (4) لا نمزج الأقانيم ولا نفصل الجوهر. (5) للآب أقنوم على حدة، وللابن أقنوم آخر، وللروح القدس أقنوم آخر. (6) ولكن للآب والابن والروح القدس لاهوت واحد ومجد متساوٍ وجلال أبدي معاً. (7) كما هو الآب كذلك الابن وكذلك الروح القدس. (8) الآب غير مخلوق، والابن غير مخلوق، والروح القدس غير مخلوق. (9) الآب غير محدود، والابن غير محدود، والروح القدس غير محدود. (10) الآب سرمدٌ، والابن سرمد، والروح القدس سرمد. (11) ولكن ليسوا ثلاثة سرمديين بل سرمد واحد. (12) وكذلك ليسوا ثلاثة غير مخلوقين، ولا ثلاثة غير محدودين، بل واحد غير مخلوق وواحد غير محدود. (13) وكذلك الآب ضابط الكل، والابن ضابط الكل، والروح القدس ضابط الكل. (14) ولكن ليسوا ثلاثة ضابطي الكل، بل واحد ضابط الكل. (15) وهكذا الآب إله، والابن إله، والروح القدس إله. (16) ولكن ليسوا ثلاثة آلهة، بل إله واحد. (17) وهكذا الآب رب، والابن رب، والروح القدس رب. (18) ولكن ليسوا ثلاثة أرباب بل رب واحدٌ. (19) وكما أن الحق المسيحي يكلفنا أن نعترف بأن كلاً من هذه الأقانيم بذاته إله ورب. (20) كذلك الدين الكاثوليكي ينهانا عن أن نقول بوجود ثلاثة آلهة أو ثلاثة أرباب. (21) فالآب غير مصنوع من أحد، ولا مخلوق، ولا مولود. (22) والابن من الآب وحده غير مصنوع ولا مخلوق، بل مولود. (23) والروح القدس من الآب والابن، ليس بمصنوع ولا مخلوق ولا مولود، بل منبثق. (24) فإذاً آب واحد لا ثلاثة آباء، وابنٌ واحد لا ثلاثة أبناء، وروح قدس واحد لا ثلاثة أرواح قدس. (25) وليس في هذا الثالوث مَنْ هو قبل غيره أو بعده، ولا مَنْ هو أكبر منه أو أصغر منه. (26) ولكن جميع الأقانيم الثلاثة سرمديون معاً ومتساوون. (27) ولذلك في جميع الأمور كما ذُكر يجب أن تُعبد الوحدانية في ثالوث والثالوث في وحدانية. (28) إذاً من شاء أن يخلُص فعليه أن يعتقد هكذا في الثالوث. (29) وأيضاً يلزم له للخلاص الأبدي أن يؤمن بتجسد ربنا يسوع المسيح. (30) لأن الإيمان المستقيم هو أن نؤمن ونقرَّ بأن ربنا يسوع المسيح ابن اللَّه هو إله وإنسان. (31) هو إله من جوهر الآب، مولود قبل الدهور. وإنسان من جوهر أمه، مولود في هذا الدهر. (32) إلهٌ تام وإنسان تام، كائنٌ بنفس ناطقة وجسدٌ بشري. (33) مساوٍ للآب بحسب لاهوته، ودون الآب بحسب ناسوته. (34) وهو وإن يكن إلهاً وإنساناً، إنما هو مسيح واحد لا اثنان. (35) ولكن واحد، ليس باستحالة لاهوته إلى جسدٍ، بل باتخاذ الناسوت إلى اللاهوت. (36) واحد في الجملة، ليس باختلاط الجوهر، بل بوحدانية الأقنوم. (37) لأنه كما أن النفس الناطقة والجسد إنسان واحد، كذلك الإله والإنسان مسيح واحد. (38) هو الذي تألم لأجل خلاصنا ونزل إلى الجحيم (الهاوية أو عالم الأرواح). وقام أيضاً في اليوم الثالث من بين الأموات، (39) وصعد إلى السماء، وهو جالس عن يمين اللَّه الآب الضابط الكل. (40) ومن هناك يأتي ليدين الأحياء والأموات. (41) الذي عند مجيئه يقوم أيضاً جميع البشر بأجسادهم، (42) ويؤدّون حساباً عن أعمالهم الخاصة. (43) فالذين فعلوا الصالحات يدخلون إلى الحياة الأبدية، والذين عملوا السيئات يدخلون إلى النار الأبدية. (44) هذا هو الإيمان الكاثوليكي الذي لا يقدر الإنسان أن يخلُص بدون أن يؤمن به بأمانة ويقيناً».
(4) القانون الخلقدوني: دعا الإمبراطور مارسيانوس المجمع الرابع المسكوني للاجتماع في خلقدونية من بيثينية قبالة القسطنطينية، لدحض بدعَتَي أفتيخوس ونسطور (انظر فصل 31 س 26). وقد تألف ذلك المجمع من 630 أسقفاً واستمر من 8-31 أكتوبر (ت 1) سنة 451م وأجمع على الجزء الأهم من تحديد الإيمان وهو:
«فلهذا ونحن تابعون الآباء القديسين، كلنا بصوت واحد نعلّم البشر أن يعترفوا بالابن الوحيد، ربنا يسوع المسيح، الكامل في اللاهوت والكامل أيضاً في الناسوت. إله حق وإنسان حق، ذو نفس ناطقة، وجسد جوهر واحد مع الآب بحسب لاهوته، وجوهر واحد معنا بحسب ناسوته، في كل شيء مثلنا ما عدا الخطية. مولود من الآب قبل كل الدهور بحسب لاهوته، وفي هذه الأيام الأخيرة من أجلنا ومن أجل خلاصنا وُلد من مريم العذراء والدة الإله بحسب ناسوته. هو مسيح واحد وابن واحد ورب واحد والمولود الوحيد، كائن بطبيعتين غير ممتزجتين ولا متغيرتين ولا منقسمتين ولا منفصلتين، والفرق بين الطبيعتين لم يتلاشَ باتحادهما، بل خواص كل منهما الخاصة باقية ومجتمعة في شخص واحد وكائن واحد غير منفصل ولا منقسم إلى شخصين، بل الابن الوحيد والمولود الوحيد اللَّه الكلمة الرب يسوع المسيح كما أنبأت عنه الأنبياء منذ البدء، وكما علَّمنا الرب يسوع نفسه، وكما سلَّمنا قانون إيمان الآباء القديسين».
هذا هو بيان تعليم الكنيسة المسيحية في تثليث الأقانيم في إلهٍ واحد وفي أثنينية الطبيعتين في مسيح واحد. وتلك القوانين لا تزال معتبرةً عند الجميع أنها ملخص إيمان الكنيسة العام.