صرح المجمع المشيخى المصرى للقس يوحنا هوج بالذهاب إلى أسيوط فى 3 يناير 1865، فسافر فى مركب غلال قطعت المسافة من القاهرة إلى أسيوط فى 17 يوماً، وعند وصولها إلى مرسى " الحمراء" بأسيوط كان فى استقبال القس هوج وعائلته (الخواجا) واصف خياط الذى كان قد جهز لهم (ركوبة) للإنتقال عليها مع أمتعتهم حتى منزله. وفى 2 مارس انتقلت الأسرة إلى منزل خاص بها، وفيه افتتح هوج مدرستان إحداهما للبنين التحق بها 4 تلاميذ والأخرى للبنات و التحقت بها تلميذتان، وكان ذلك داخل غرفتين بالمنزل فرشتا بالحصير وعلقت على جدرانها بعض الخرائط، وقام بالتدريس للبنين شخصان قدما لهذا الغرض مع القس هوج، كما قامت بالتدريس للبنات مس (مكاون). وكان من أوائل التلاميذ الذين التحقوا بمدرسة البنين من يومها الأول: شنودة حنا ( الذى أصبح راعياً لكنيسة سنورس) وشقيقه ساويرس.
سافر القس هوج إلى بريطانيا بعد وفاة ابنه البكر وقام بجمع تبرعات من هناك بلغت قيمتها 2500 ريال لتأسيس مدرسة لاهوتية بأسيوط، كانت تدرس بها المواد اللاهوتية واللغتان اليونانية والعبرية والنحو والحساب والطبيعة.
وفى سنة 1868 كان هناك حوالى 25 شخصاً يدرسون الكتاب المقدس مع القس هوج بمنزل الشيخ أثناسيوس غبريال الشهير بالمعلم ( طناسة) ، كما أهتموا ببناء كنيسة انجيلية بغرب البلد ساهم فى بنائها السيد واصف خياط والسيد حنا ويصا وتم تدشينها فى 6 مارس 1870 وفى 10 أبريل من نفس السنة تم تنظيمها حيث انتخب للمشيخة كل من أثناسيوس غبريال وأبادير غبريال وللشموسية: المعلم حبشى حبل وشنودة حنا. وبدأ أعضاء الكنيسة يزورون بعض القرى المجاورة للكرازة بالإنجيل فأسسوا كنائس: المطيعة وباقور والنخيلة وأبو تيج والزرابى.
وفى 15 أكتوبر 1879 انعقد المجمع لرسامة الخواجا ابراهيم يوسف راعياً لهذه الكنيسة وتمت رسامته فى 17 أكتوبر 1879 وظل يخدمها حتى وفاته فى 11 أبريل 1889.
وفى 1893 تم اختيار القس معوض حنا راعياً للكنيسة وظل يخدمها حتى 1934.
وقد تقدمت الكنيسة فى أوائل سبتمبر 1896 بطلب إلى نظارة الداخلية بشأن التصريح ببناء كنيسة أكثر اتساعاً من الكنيسة المقامة بغرب أسيوط وورد الخطاب التالى بشأن هذا الطلب من مأمور بندر أسيوط بتاريخ 8 نوفمبر 1896:
" جناب الأكرم الخواجه حنا بقطر ويصا
إنه بناء على طلب جنابكم ورفقائكم ببناء كنيسة لطائفة البروتستانت لقطعة الأرض ملك حضرتكم وحضرة أخيكم الخواجا ويصا داخل جنينة منزرع بها نخيل وواقعة بحرى البندر صدر أمر عال لنظارة الداخلية بتاريخ 15 جماد أول سنة 1314، 22 أكتوبر سنة 1896 نمرة 15 بالتصريح ببناء الكنيسة المذكورة فى قطعة الأرض المحكى عنها. ولذلك ورد أمر المديرية رقم 29 أكتوبر سنة 1896 نمرة 1742 بتفهيم حضرتكم ورفقاكم بذلك فاقتضى تحريره للمعلومية بما صدر به الأمر".
وبدأ العمل فى بناء الكنيسة الإنجيلية الأولى والتى بدأت العبادة فيها سنة 1899. وكان ذلك ابان رعوية القس معوض حنا الذى خدم فى المدة من 1893 حتى استقال 1934 وخلفه فى الخدمة القس ناصيف جندى فى المدة من 1934- 1970 وتولى الخدمة بعده الراعى الحالى القس باقى صدقة منذ مارس سنة 1976. ولهذه الكنيسة يرجع الفضل فى نشر الكتاب المقدس بالمنطقة، والإهتمام بالخدمة التعليمية والطبية.
القس هوج يواصل مسيرة الخدمة
كما سبق أن أوضحنا أن القس هوج أسس كنيسة أسيوط والتى أسست بدورها كنائس المطيعة [1] (1871) وباقور والنخيلة (1871) وأبوتيج والزرابى. وفى شتاء 1871 ذهب القس هوج إلى الحواتكة حيث استقبله الخواجا فلتس سعد والذى سبق له أن تعرف على رسالته الإنجيلية فى أسيوط، والتقى بالقس هوج فى هذه الزيارة أفراد من عائلات: جاد الله يوسف، وينى، سعد موسى، الصايغ وغالى والضبع وإذ قدم لهم إنجيل الخلاص رجوه أن يكرر الزيارة وقد تحقق ذلك.
وفى سنة 1879 تم شراء قطعة أرض تزيد مساحتها على نصف قيراط وتم بناؤها قبل انتهاء نفس السنة وفى أوائل عام 1880 نظم مجمع أسيوط كنيسة الحواتكة بعضوية حجمها 40 عضواً. واستمر المجمع يدير خدمتها حتى 1882 حيث رسم ونصب القس ميخائيل المزيكى راعياً لها ولكنيسة الجاولى كما رسم الخواجا فلتس سعد شيخاً للكنيسة.
وفى سنة 1890 أقامت الكنيسة مدرسة كان من بين مدرسيها الشيخ أخنوخ سدرة، فى سنة 1900 بدأ فى بناء المبنى الحالى للكنيسة وصدر قرار الباب العالى رقم 19 فى 19/10/ 1905 باقامة كنيسة الحواتكة، ومن بين الأسماء التى برزت فى هذه الكنيسة الشيخ عبد الملك سعد الذى يرجع إليه الفضل فى بناء الكنيسة.
وقد استطاع القس هوج أن يطور المدرسة الأولى التى أنشأها لتكون ( كلية أسيوط الأمريكية). وألف هوج 39 كتاباً لم ينشر منها سوى 9 كتب، منحته كلية وستمنستر درجة الدكتوراه فى اللاهوت سنة 1869، توفى فى 19 فبراير 1886 ودفن فى بلدة ( درنكة) فى مقبرة شيدت على نفقة الخواجا ويصا بقطر.
تغيير يوم السوق
نجح الإنجيليون الأوائل فى أسيوط قبل نهاية 1896 فى تغيير الموعد الأسبوعى لسوق المدينة [2] بعد أن ظل قرابة 1800 عام يقام يوم الأحد. وقد تم تغيير الموعد بناء على طلب رفع للمسئولين، وقع عليه بعض رجالات المدينة ومنهم: ويصا بقطر وواصف خياط وبعض الشخصيات القبطية والإسلامية بالمدينة. ووافقت الدولة على تغيير الموعد إلى يوم السبت مما لفت أنظار الكثيرين إلى الطائفة الإنجيلية واهتمامها بتقديس يوم الرب.
ولم يقتصر موعد السوق على مدينة أسيوط وحدها، إنما امتد إلى بلاد أخرى حتى سنة 1880، ومنها: المنيا، ملوى، الفيوم، طنطا.
[1] فى المطيعة التقى هوج بالشاب صالح حنالله سنة 1879، حيث كان هوج يلقى مواعظه فى بيت والده الشيخ حنالله صالح، ودعاه للخدمة الدينية، حتى أصبح صالح حنالله من مشاهير القسوس فى الكنيسة( شمس البر، أكتوبر 1953)
[2] عمر السوق فى مصر يمتد إلى أكثر من 6 آلاف سنة، وكان التعامل فى السوق قديماً يتم بالمقايضة ( بضاعة بدلاً من بضاعة) ، وفى العصر الفاطمى كانت الأسواق مجالاً لإلقاء الشعر والقصص. ( الأهرام، 21/3/ 1980م)