(1) عقيدتنا في الكتاب المقدس
الكتاب المقدس هو القانون الوحيد للإيمان والأعمال
أنت وأنا نحيا فى عالم كبير متسع، لكننا لسنا نحيا وحدنا. فحولنا الطبيعة بمظاهرها العجيبة الخلابة، وإلى جوارنا نجد أناساً مثلنا نتعامل معهم. ونحن عندما نفكر فى أسرار هذا الكون العجيب، وفى الخالق العظيم الذى أوجده نتساءل: كيف يكون هذا الإله، وما تكون صفاته، وماهى علاقته بالبشر الساكنين على الأرض؟.
وعندما نتعامل مع الناس نتعلم أن لنا حقوقاً وعلينا واجبات، وأن هناك سلوكاً مقبولا طيباً نسميه الخير، ونوعاً آخر من السلوك ندعوه شريراً، ونحن نتساءل أيضاً عما يجب أن نفعله لنكون صالحين، وعما يجب أن نتجنبه من الشرور.
ثم نرى الموت ينتزع من وسطنا أحباءنا، ويحملهم إلى عالم مجهول فنتساءل: أين يذهب الناس بعد الموت؟.
كل هذه وغيرها أسئلة تدور فى خواطرنا فنحن نحتاج إلى وسيلة تخبرنا باجابات سليمة عن حيرتنا، وترشدنا إلى أسلوب سليم مستقيم فى الحياة. أى أننا نحتاج إلى قانون أو دستور يبين لنا ما يجب أن نعتقد به وما يجب أن نعمله.
فأين نجد هذا الدستور؟.
إن أمام البشرية واحداً من طريقين: إما أن يضع الناس لأنفسهم هذا الدستور، أو أن يتوقعوا من سلطة أسمى وأحكم منهم أن تعطيهم هذا الدستور.
وقد تبين للبشر أنهم رغم قدراتهم العقلية الفائقة، ومع ذلك فهم لا يستطيعون أن يدركوا كل حقائق هذا الكون الغامض وأن محاولاتهم لا تصل بهم إلى معرفة كاملة مضمونة الصحة والصدق. وقديماً قال الفليسوف أفلاطون: “ ليست هناك وسيلة نعرف بها إرادة الآلهة إلا بنبى يعلنها لنا، فان عقل الإنسان يحتاج إلى الإنارة الإلهية لفهم ما يتعلق بالله، كما تحتاج العين إلى نور الشمس لترى الموجودات”.
لذلك فما دام الانسان عاجزاً عن معرفة الله من نفسه، فلابد أن يعلن الله نفسه للبشر الذين خلقهم. وقد أعلن الله نفسه للناس فى الطبيعة التى خلقها، وفى أعمال عنايته بالبشر، لكن هذه الاعلانات لم تكن كافية لذلك أعلن الله نفسه عن طريق الوحى، إذ كشف الحقائق اللازمة للبشر بروحه القدوس إلى جماعة من أنبيائه وقديسيه، وساقهم بالروح القدس أن يكتبوا هذا الوحى وعصمهم من الخطأ أثناء كتابته وبذلك صار لدينا “الكتاب المقدس “ وهو القانون الوحيد المعصوم للإيمان والأعمال.
الأدلة على صحة الكتاب المقدس
رأينا فيما سبق أن الإنسان فى حاجة إلى دستور للإيمان والأعمال، وأنه لا يستطيع أن يضع هذا الدستور لنفسه، وأن الله كلى القدرة هو الذى وضع هذا الدستور وأعلنه للبشر.
وهنا قد يتساءل البعض: ما الذى يؤكد لنا أن هذا الكتاب المقدس الذى بين أيدينا هو وحى الله المقدس الذى أعلنه للبشر؟.
والأدلة على ذلك كثيرة، لا يتسع المجال لشرحها ولكننا نوجز بعضها فيما يلى:
1- إن من كتبوا أسفار الكتاب المقدس قالوا إنهم رسل الله، وإنهم بسلطان من الله يطلبون من الناس أن يقبلوا تعليمهم إطاعة لله الذى أوحى إليهم بهذه التعاليم. وقد شهد السيد المسيح نفسه أن العهد القديم كتب بوحى من الله، واستشهد منه. كما تحدث الرسل صراحة بما يدل على اعتقادهم بسلطان تعاليمهم الإلهية، وطلبوا من الناس أن يقبلوا كلامهم لأنه كلام الله لا كلام إنسان (1تسالونيكى2: 13). وقال بولس إن ما كتبه هو وصايا الرب (1كورنثوس14: 37). كما قال إنه إن بشر أحد بانجيل آخر غير ما بشر به ولو كان ملاكاً فليكن ملعوناً (غلاطية1: 8). وقال يوحنا ما معناه أن من لا يقبل شهادته فى المسيح يجعل الله كاذباً، لأنها شهادة الله (1يوحنا5: 10).
فاذا كنا لا نصدق كلام هؤلاء الرسل، فاننا نحكم عليهم أنهم إما مجانين أو كذبة ومخادعين. وكلا الأمرين لا يمكن أن يكون، بدليل ما تبين لنا وللناس من حكمتهم وتقواهم وما صنعوه من آيات لإثبات رسالتهم.
2- إن الكتاب المقدس يتضمن حقائق سامية تكفى حاجات الطبيعة الإنسانية، وتحل ما عجزت عقول البشر عن حله من المعضلات، وهو يوافق نفوس البشر وطبيعتهم الأدبية، ولا يمكن لمثل هذه الحقائق السامية أن تكون من اختراع البشر.
3- وحدة موضوع الكتاب المقدس، فقد قام بكتابته نحو خمسين شخصاً فى أزمنة متباينة استغرقت نحو ألف وستمائة سنة، وكان هؤلاء الكتاب من بيئات وثقافات مختلفة، ولم يجتمعوا للكتابة معاً، لكننا نرى حقائق الكتاب المقدس يكمل بعضها بعضاً بكيفية لا يمكن بأى حال أن تصدق على أية مجموعة من الكتب كتبت فى أزمنة أكثر تقارباً. وهذا كله يدل على أن تلك الأسفار جميعها نشأت من عقل واحد هو عقل الله الذى أوحى بكتابتها إلى كاتبيها، فهو وحده المعلومة عنده جميع أعماله منذ الأزل.
4- ما يحتويه الكتاب من النبوات والعجائب، فان أكثر ما جاء فى العهد الجديد جاء تحقيقاً لنبوات فى العهد القديم. مما يدل على أنه كتاب الله الموحى به من الروح القدس.
5- تأثير الكتاب المقدس فى إصلاح الناس وتغيير قلوب البشر، حسب اختبار كثيرين من أفاضل الناس.
هذا فضلاً عن شهادة التاريخ والمخطوطات والحفريات والعلوم لصحة الكتاب المقدس.
1- شهادة غير المؤمنين للكتاب المقدس:
مع أن كثيراً من الناس لم يؤمنوا بالمسيحية فى القرون الأولى، بل قاوموها وحاربوها، لكنهم لم يتهموا المسيحيين بتغيير الكتاب المقدس أو تحريفه- وبعض الوثنين من المؤرخين ذكروا فى كتبهم كثيراً من الأخبار التى وردت فى الكتاب المقدس، واليهود الذين لم يؤمنوا بالمسيحية سلموا بصحة الأخبار الواردة فى العهد الجديد، كوجود شخص اسمه يسوع المسيح- ومن هؤلاء يوسيفيوس المؤرخ اليهودى المشهور المعاصر لعهد المسيح، إذ قال فى كتابه الثامن عشر فى الفصل الثامن:”وعاش نحو هذا الوقت يسوع، إنسان عالم – إن جاز تسميته إنساناً- لأنه كان يعمل معجزات عجيبة، وانقاد إليه كثيرون من اليهود، ومن الأمم. ومع أن بيلاطس صلبه إرضاء لعلماء اليهود، إلا أن أولئك الذين أحبوه لم يتركوه إذ قالوا إنه قام من الأموات فى اليوم الثالث وظهر لهم “.
2- شهادة المخطوطات القديمة للكتاب المقدس:
معروف أن العهد القديم كتب أصلاً باللغة العبرية، والعهد الجديد كتب أصلاً باللغة اليونانية- وقد حدثت ترجمات متعددة للكتاب المقدس إلى مختلف اللغات، ويحاول علماء الكتاب أن يجدوا أقدم المخطوطات، ليصلوا إلى أصدق الروايات والحقائق- ومع كثرة هذه المخطوطات وتباعد ناسيخيها بعضهم عن بعض، فلا يوجد اختلاف جوهرى بينها مما يثبت صحة الكتاب المقدس.
وأحدث هذه المخطوطات، مخطوطات وادى قمران التى اكتشفت عام 1947 بجوار الساحل الشمالى الشرقى للبحر الميت فى فلسطين، فقد كان صبى اسمه محمد الديب يرعى أغنامه، فضل خروف فى وادى قمران، فأخذ يفتش عنه فرأى فتحة صغيرة فى جانب الجبل، فرمى فيها حجراً فسمع صوت شئ ينكسر، فدخل إلى داخل الكهف مع صديق له فوجد أوانى طويلة بداخلها مخطوطات قديمة من الجلد.
وقد أخذ العلماء هذه المخطوطات، وهى نحو أربعمائة مخطوطة فوجدوا أنها تحتوى على أجزاء من كل أسفار العهد القديم العبرانى ما عدا سفر أستير، يتراوح وقت كتابتها إلى نحو سنة 200ق.م.
وهذه المخطوطات تثبت أن النسخ التى لدينا من الكتاب المقدس حفظت بيد إلهية دون تغيير طيلة السنوات الماضية.
3- شهادة الحفريات للكتاب المقدس:
يوجد علم خاص، متسع المجال هو علم الحفريات Archeologyوقد بنى على تفتيش العلماء فى الخرائب والآثار ليكتشفوا بعض حقائق التاريخ.
وكلما تقدم هذا العلم، كلما زادت الأدلة على صحة تاريخ الكتاب المقدس. ولا مجال لسرد الكثير فى هذه الناحية ولكننا نذكر على سبيل المثال:
(أ) كمية من المخطوطات الهيروغليفية اكتشفت سنة 1780 فى بنى حسن بمحافظة المنيا تثبت هجرة العبرانيين إلى أرض مصر. فقد وجدت صورة رجال أجانب يختلفون عن المصريين فى الملابس يقفون أمام نبيل مصرى وقد كشفت الكتابة الهيروغليفية أنهم 36 شخصاً من الجنس السامى من نسل رجل اسمه ( أبيشاى).
وهو اسم مشهور من أسماء الساميين، وقد أحضروا هدايا للنبيل ومن بينها كحل لتجميل عيون زوجته.
(ب) كان بعض الناس يسخرون من قصة انقلاب سدوم وعمورة واحتراقهما مع كل مدن الدائرة والنباتات بالنار والكبريت.
لكن أحد علماء الحفريات (جان فنيجان) اكتشف عام 1951 أن جزءا كبيراً من القشرة الأرضية قد هبط فى وادى الأردن، وفى أجزاء كثيرة منه اكتشف بوضوح آثار بركان وأحجار نارية سوداء وحمم براكين على جبال الجليل... وأرجع علماء الحفريات تاريخ هذا الهبوط إلى نحو عام 1900 ق.م وأن خراب هذه المدن جاء نتيجة بركان ضخم وربما كان مصحوباً بانفجارات وبروق نتيجة احتراق الغازات واللهب...
وهكذا نرى أن الحفريات تشهد لصدق حوادث الكتاب المقدس.
4- الكتاب المقدس والعلم:
إن الكتاب المقدس ليس كتاباً علمياً، بمعنى أن الله قصد من الكتاب أن يكون رسالة روحية، لا بحثاً فى الطبيعة أو الكيمياء أو الفلك- ورغم ذلك فان الأسفار المقدسة إذا فسرت تفسيراً صحيحاً، طابقت الحقائق العلمية والطبيعية والتاريخية. فقد شهد كثير من علماء العلوم الطبيعة أنه حتى الآن لم يجدوا مناقضة بين الكتاب وحقائق علمية مثبتة بشهادات كافية. علماً بأن كتبة الأسفار المقدسة لم يكونوا من العلماء، ولم تكن العلوم الحديثة معروفة فى عصرهم.
ومما يؤيد ذلكك أن قصة الخلق وترتيب الخليقة الوارد فى الأصحاح الأول من سفر التكوين، يطابق تماماً أحدث النظريات العلمية فى تدرج الكائنات والنباتات.
أما إذا أشار البعض إلى بعض الأمور المخالفة للعلم والتاريخ، فالرد على ذلك يتلخص فيما يلى:
وجوب التمييز بين ما ظنه كتبة الكتاب، وما علموه فربما ظنوا الشمس تدور حول الأرض، ولكنهم لم يعلموا ذلك.
إنهم إستخدموا ما كان مشهوراً من الكلام بين الناس مما يلاحظ فيه موافقته للحواس بدون اعتبار موافقته للعلوم.
إن مضادة الكتاب للآراء البشرية غير المثبتة فى مواضيع طبيعية، ليست دليلاً على عدم صدقه لأن تلك الآراء يحتمل عدم صدقها فهى تحتاج إلى الإثبات.
إنه قد تختلف معانى وتعاليم الكتاب المقدس عن تفسيرنا لها. فقد نكون مخطئين فى التفسير، وربما يظهر خطؤنا فيما بعد بسبب التقدم فى المعرفة. ولكن التفسير الخطأ لا يشين الكتاب المقدس، فقد ظلت الكنيسة مدة طويلة من الزمن تفسر الكتاب فيما يتعلق بالكون حسب الآراء البطليموسية فى الفلك ثم عدلت عن ذلك وأخذت تفسره حسب الرأى الكوبرنيكى، غير أن هذا لم يؤثر فى صدق الكتاب المقدس.
قانونية أسفار الكتاب المقدس
اهتمت الكنيسة المسيحية فى عصورها الأولى بتحقيق قانونية الأسفار المقدسة، وراجعت النسخ القديمة للكتاب المقدس ، وبحثت نسبة الأسفار إلى كاتبيها، ودرست الأدلة الداخلية من محتويات السفر وأسلوبه وحوادثه، والأدلة الخارجية من شهادة آباء الكنيسة والمؤرخين والمخطوطات، إلى أن استقرت الآراء على أن أسفار الكتاب المقدس الحالية وهى ستة وستون سفراً هى الأسفار القانونية للكتاب المقدس، تسعة وثلاثون منها فى العهد القديم وسبعة وعشرون فى العهد الجيد.
وقد حاول البعض أن يضيفوا بعض الأسفار الأخرى إلى العهد القديم، وبعض الأناجيل إلى العهد الجديد، ولكن هذه الأسفار و الأناجيل لم يثبت صحة نسبتها إلى كاتبيها، واتضح أنها كتبت فى عصور متأخرة عن باقى الأسفار التى تروى نفس الأحداث، لذلك رفضتها الكنيسة. وقد أطلق عليها اسم أسفار ( الأبوكريفا) أى الأسفار “ المخفية” لأن بعضها عبارة عن رؤى تحدث عن أمور مستقبلية كانت بطبيعتها مخفية وكتبت فى أوقات محنة لتشجيع الشعب.
وأسفار أبوكريفا العهد القديم هى اسدارس الأول والمكابيين الأول والثانى وإضافات إلى سفر دانيال وهى.
نشيد الثلاثة الفتية المقدسين وتتمة سفر دانيال.
تاريخ سوسنة.
وتاريخ انقلاب بيل وبقية سفر أستير ورسالة إرميا وصلاة منسى وسفر باروخ وسفر طوبيا وسفر يهوديت، وسفر اسدراس الثانى وسفر حكمة سليمان وسفر حكمة يشوع بن سيراخ.
ولم تقبل الكنيسة هذه الأسفار فى العهد القديم لأن علماء اليهود لم يضعوها ضمن كتبهم القانونية، ولأن هذه الكتب نسبت إلى أناس لم يكتبوها أصلاً، ولا ترتفع إلى المستوى الروحى الذى فى الأسفار القانونية، وبعضها يحتوى على تعاليم خرافية تتعارض مع تعاليم الكتاب المقدس، ومعظمها كتب بين سنة 200 قبل الميلاد و100 بعد الميلاد. وحسب عقيدة اليهود أن الإعلانات الإلهية توقفت بعد نبوة ملاخى. ومما يؤكد عدم قانونية هذه الأسفار أنها كتبت باللغة اليونانية بينما كتبت أسفار العهد القديم كلها باللغة العبرانية.
ولم يقبل الآباء المسيحيون الأولون إعتبار هذه الكتب قانونية فى العهد القديم، ومع أنهم إقتبسوا بعض الأقوال الواردة فيها إلا أنهم لم يضعوها فى نفس منزلة الكتب القانونية، وقد أجازوا قراءتها للاستنارة فقط... إلا أن مجمع ترنت (المحمع التريدنتينى)، للكنيسة الكاثوليكية فى القرن السادس عشر الميلادى قرر اعتبارها قانونية وضمها إلى أسفار العهد القديم ما عدا كتابى اسدراس وصلاة منسى. ولا يخفى على القارئ أن شهادة مجامع الكنيسة وحدها ليست كافية لإثبات قانونية هذه الأسفار خصوصاً فى تاريخ متأخر كهذا.
أما أبوكريفا العهد الجديد فتحتوى عدة كتب فيها تواريخ وأناجيل موضوعة ومصنوعة، منسوبة إلى أناس لم يكتبوها، وقد أنشأها بعض ذوى الأغراض لمآرب ذاتية أو لإثبات وجهات نظر معينة، لكن تحقق من البحث أنها لا تنتسب إلى الرسل المكلفين بالوحى المقدس، وتقل مرتبتها الروحية عن كتب العهد الجديد.
مما سبق نستطيع أن نتبين أن الأسفار الستة والستين هى وحدها كلمة الله الموحى بها، والتى تصلح أن تكون دستوراً لإيماننا وأعمالنا.
الدستور الوحيد المعصوم
هل يوجد هناك دستور آخر معصوم من الخطأ بالاضافة إلى الكتاب المقدس؟ والجواب على ذلك كلا... فالكتاب المقدس هو القانون الوحيد المعصوم، ولا يوجد قانون غيره إلا ويكون معرضاً للخطأ، لأن الكتاب المقدس وحده هو كلمة الله الموحى بها منه.
وإذا درسنا الكتاب المقدس، نجد أن الله يوضح لنا فيه أن كلمة الله وحدها كافية لإرشاد الإنسان وتوجيهه و لا يحتاج الإنسان إلى غيرها سواء كانت تقاليد أو روايات الآباء أو قرارات مجامع الكنيسة، فان كل هذه يمكنها أن تفسر الكتاب المقدس، وتبحث عن النسخ القديمة، وتناقش المبادئ الواردة فى الكتاب، ولكن ليس لها الحق أو السلطان أن تزيد على الكتاب أو تنقص منه.
والشواهد الكتابية كثيرة لتأييد هذه الحقيقة- إن الكتاب المقدس هو القانون الوحيد المعصوم للإيمان والأعمال، والله لا يأمرنا بقبول غيره مهما كانت مصادر التعاليم الأخرى ومهما كانت قداسة معلميها من آباء الكنيسة وقديسيها، ونحن مكلفون أن نبحث الكتاب المقدس وندرسه لنرى هل تتفق تعاليم من يعلموننا مع الكتاب فنقبلها أو تختلف فنرفضها، لنكون مثل أهل بيرية الذين وصفوا بالقول إنهم” قبلوا الكلمة بكل نشاط فاحصين الكتب كل يوم هل هذه الأمور هكذا” (أعمال17: 11) – وقد قال بولس الرسول لأهل غلاطية “إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم فليكن أناثيما ( ملعون)” ( غلاطية1: 8).
إن حكمة الله اقتضت أن يكتب الكتاب المقدس ولا يتناقله الناس شفاهاً بعد مدة وجيزة من الزمن، لأن هناك أخطاراً كثيرة فى التقاليد المتوارثة شفاها، فهى تتغير ويحرفها ناقلوها حسب أهوائهم. وقديماً وبخ السيد المسيح الكتبة والفريسيين لأنهم اتخذوا لهم مجموعة من التقاليد حلت محل كلمة الله أو اتخذت مقاماً مساوياً لها- إذ قال لهم:” لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم. فان الله أوصى قائلاً أكرم أباك وأمك... وأما أنتم فتقولون من قال لأبيه أو أمه قربان هو الذى تنتفع به منى. فلا يكرم أباه أو أمه. فقد أبطلتم وصية الله بسبب تقليدكم” ( متى15: 3-6).
فلنؤمن إيماناً راسخاً بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله الموحى بها، ووأنه القانون الوحيد المعصوم للإيمان والأعمال. ولنرفض كل ما يتعارض مع تعليم هذا الوحى المقدس ... إلى الشريعة وإلى الشهادة. إن لم يقولوا مثل هذا القول، فليس لهم فجر (إشعياء8: 20).