(2) عقيدتنا في الخلاص
حقيقة الخلاص هى من أهم الحقائق التى تعنى الإنسان المسيحى، إن لم تكن أول الحقائق التى تهمه، وعقيدة الخلاص فى أبسط صورها تظهر من الحوار بين حافظ السجن فى فيلبى من ناحية وبولس وسيلا من ناحية أخرى حين سأل حافظ السجن: “ «يَا سَيِّدَيَّ، مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟».
وتأتي الإجابة بسيطة وسريعة وعلى غير ما انتظر الرجل: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ». (أعمال16: 30، 31). وهذه الإجابة على بساطتها يصعب جداً فهمها بغير اختبار الخلاص الحقيقي الذي أعده الله للإنسان بيسوع المسيح.
مفاهيم خاطئة:
هناك من يظن أن الخلاص يكون بحياة الاستقامة والسلوك الأدبى الحميد، والمحافظة على أنظمة المجتمع، وينسى هؤلاء “ أن الجميع زاغوا وفسدوا معاً. ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد” وحتى إن حاول الفرد أن يتفادى الأخطاء الجسيمة والمتعمدة، فانه مازال يواجه بسؤال المرنم في سفر المزامير: “ السهوات من يشعر بها؟ “ ولو كان بر الإنسان يكفى لما كان هناك حاجة لتجسد ابن الله. لقد خجل كل قادة فكرة البر الذاتى والبر الذى بالناموس عندما اجتمعوا حول الرب يسوع ينتظرون حكمه على إمرأة زانية- خجلوا جميعاً عندما قال لهم المسيح: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!». ومضى كل واحد فى طريقه لأن بر الإنسان لا يكفى أن يجعل منه باراً أمام الله (يوحنا8: 2- 11).
وهناك أيضاً من يظنون أن الخلاص بأعمال العبادة والرحمة. يحفظون السبوت والأعياد ورؤوس الشهور والطقوس، ويعشرون كل الأشياء حتى أصغر الأشياء، ويصومون يومين فى الأسبوع، ظناً منهم أن هذا هو الثمر الحقيقي الذي ينتظره الله من الإنسان المؤمن، وبناء على هذا الثمر يعطى الله المؤمن الإنتاج. وما دام الإنسان يصنع هذه الأثمار فهو مستحق للخلاص والتاج، ونفس تعليم الرب يسوع أنه ليس كل من يقول يارب يارب يدخل ملكوت السموات- بل أنه ليس لأحد أعمال صالحة يمكن أن يتبرر بها، ومكتوب أنه ليس بار ولا واحد (رومية3: 10) ولو كان بر الأعمال يكفى لما كان لزوم لمجئ المسيح ليكمل كل بر – كما أنه أظهر لنا أن أعمال الإنسان مهما عظمت لا تساوى شيئاً لأنها فى قمتها مجرد عمل الواجب المطلوب منا “ متى فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا إننا عبيد بطالون، لأننا عملنا ما كان يجب علينا” (لوقا17: 10 ) وفى إجابة بولس وسيلا لحافظ السجن نرى أنهما لم يطلبا منه أى عمل ليكون العمل وسيلة للخلاص، بل قالا “ فقط آمن...” وهذا لا ينفى أنه عمل شيئاً بعد ذلك نحو ضيافتهما كعلامة شكر وثمر إيمان، كما أنه إعتمد هو وأهل بيته.
وجماعة ثاللثة تظن أن الخلاص إنما هو مجرد أن يقف الفرد بين الجماعة ليعلن أنه قبل المسيح مخلصاً وفادياً، وهكذا يكون قد حصل على الخلاص، وكأن الأمر كله متوقف على لحظة واحدة يعلن فيها الإنسان أنه قبل المسيح مخلصاً و فادياً، وينسى هؤلاء أيضاً أن الخلاص هو أكثر من مجرد قبول المسيح، وهو ليس للحظة، لكنه عمل يكتمل فى المجد، لأن الخلاص يشمل:
الخلاص من الماضى بكل ما فيه للتبرير والتبنى.
ومواجهة الحاضر بكل ما فيه ليحيا حياة البر فى المسيح فى التقديس.
وضمان الحياة الأبدية للتمجيد.
ومن هنا نأتى إلى المفهوم الكتابى للخلاص:
الخلاص هو عمل الإبن لذلك “ وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ، لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ». (متى1: 21).
والرب يسوع المسيح هو الذى رآه يوحنا المعمدان أنه«... حَمَلُ اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ.” (يوحنا1: 29)
وهو الحمل لأنه “ بدون سفك دم لا تحصل مغفرة “.
فالصليب هو الأداة الوحيدة لغلبة موت الخطية، لأن ابن الله هو الوحيد الذى لم يحمل خطية موروثة من آدم الأول ولم يعمل خطية ولا وجد فى فمه غش.
وقيامة المسيح من بين الأموات هى إعلان إنتصار حياة البر التى فى المسيح الذى “ ليس بأحد غيره الخلاص”.
هذا العمل قام به الابن إعلاناً لمحبة الله للبشر:
“ لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ،........” ( يوحنا3: 16 )
وتحقيقاً للعهد الذى قطعه الآب مع الإبن قبل كل الدهور (مزمور 40: 7، 8)
وقد جاء الإبن تحقيقاً لهذا العهد ( يوحنا10: 18، لوقا22: 29) لذلك فالمؤمن أجرته (يوحنا17: 6، 9) وأيضاً إتمام للوعد الإلهى أن نسل المرأة يسحق رأس الحية ( تكوين3: 5).
صار ابن الله نائباً عن البشر فى وفاء الحق الإلهى وإرضاء العدالة وأعد براً كاملاً لكل من يؤمن به ( أنظر أعمال5: 30، 31 و يوحنا1: 12 وعبرانيين7: 22- الخ ورومية3: 21- 25)
والذين يقبلون هذا الخلاص إذ يولدون ولادة جديدة يقادون إلى الشركة مع الله ويمنحون رغبة فى ترك الخطية (يوحنا5: 24، رومية8: 5).
ويصيرون ورثة الحياة الأبدية ( إشعياء53: 10- الخ)
فالخلاص فى كماله يشمل من الجانب الإلهى:
التبرير، والتبنى، والتقديس، والتمجيد.
ولكى يتمتع الإنسان بهذا الخلاص يلزم:
الإيمان، والتوبة، ثم الاجتهاد فى ممارسة وسائط النعمة.
ونأتى الآن إلى توضيح ما تعنيه كل كلمة من هذه الكلمات التى تكمل فكرة الخلاص بحسب الإنجيل.
1- التبرير
وهو فعل نعمة الله المجانية الذى به يغفر خطايانا جميعاً ويقبلنا كأبرار قدامه.
وذلك لأجل مجرد بر المسيح الذى يحسب لنا
الذى نقبله بواسطة الإيمان فقط
فالتبرير إذا يشمل عملين هما:
الغفران: (رومية6: 6، 7) وهو يشمل غفران الخطية الأصلية الموروثة من آدم الأول والخطية الفعلية التى أرتكبها الإنسان.
وقبول الإنسان كبار أمام الله (أفسس1: 4-9)
وواضح أيضاً أنه لا مكان لأعمال الإنسان فى فعل التبرير، لأنه بالإيمان فقط وهو عمل الله فى المسيح المصلوب.
ولإثبات معنى التبرير هذا إرجع إلى الشواهد الكتابية الآتية:
رومية 3: 20-28 ، 4: 5- 8
غلاطية 2: 16، 3: 13
يوحنا 3: 18، 5: 24
2كورنثوس 5: 19- 21
2- التبنى:
وعندما ننال البر الذى فى المسيح نقبل فى عداد أبناء الله (التبنى).
لا نكون فيما بعد عبيداً أو غرباء أو أجنبيين وأبناء الغضب، بل نصبح رعية القديسين وأهل بيت الله (أفسس2)
ونصير ملوكاً وكهنة 1بطرس2: 9
وشركاء الطبيعة الإلهية 2بطرس1: 4
وورثة البر عبرانيين10: 38
ونشترك مع المسيح فى مجده وملكوته رومية8: 17
وهذا هو التبنى الذى لا يكمل إلا بفداء الأجساد رومية8: 23
3- التقديس:
وهو عمل نعمة الله المجانية الذى به نتجدد فى جميع قوانا حسب صورة الله ونزداد قدرة حتى أننا شيئاً فشيئاً نموت عن الخطية ونحيا للبر.
والتقديس يأتى بعد التغيير الكلى (1يوحنا3: 9) الذى يسمى أيضاً التجديد أو الولادة الجديدة – فالولادة الجديدة هى بدء الحياة فى المسيح.
والتقديس هو إستمرار الحياة فى المسيح.
وهو غاية دعوتنا (2تيموثاوس1: 9)
وهو غاية التبرير والتبنى (أفسس1: 4، 5، 4: 24)
ويقدسنا الله لأنه هو قد قدوس (1بطرس1: 16)
ولأن المسيح إشترانا بدمه للقداسة (تيطس2: 14)
وبدون قداسة لن يرى أحد الرب (عبرانيين12: 14)
وعن طريق التقديس يتحقق إتحادنا بالمسيح وتدوم شركتنا مع الله.
والتقديس ليس للروح فقط بل هو يشمل الجسد أيضاً إذ يقول فى( رومية6: 13 ) “ وَلاَ تُقَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ آلاَتِ إِثْمٍ لِلْخَطِيَّةِ، بَلْ قَدِّمُوا ذَوَاتِكُمْ لِلَّهِ كَأَحْيَاءٍ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَعْضَاءَكُمْ آلاَتِ بِرٍّ لِلَّهِ.” وتصير أجسادنا هى أعضاء المسيح (1كورنثوس6: 15) بل الجسد هو هيكل الروح القدس فالتقديس إذن هو “ أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ،وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ.” ( أفسس4: 22- 24)
وهنا نرى أن للتقديس شقين أيضاً:
(أ) الموت عن الخطية وكراهية الشر:
وبذلك نتغلب على الضعف البشرى الذى فينا، وأيضاً نقدر أن نقاوم المحاربة من خارج ونتخطى العثرات.
(ب) الحياة للبر ومحبة كلام الله وطاعته:
لكننا نلاحظ أن التبرير “ فعل” يحدث مرة واحدة أما التقديس فهو “ عمل “ له صفة الاستمرار أى أننا نتقدس كل يوم بعمل نعمة الله ونقرأ فى (1 تسالونيكى4: 1) “....، أَنَّكُمْ كَمَا تَسَلَّمْتُمْ مِنَّا كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَسْلُكُوا وَتُرْضُوا اللهَ، تَزْدَادُونَ أَكْثَرَ.”. وفى مزمور84: 7 يقول : “ يذهبون من قوة إلى قوة”.
بل أن التقديس يحدث أيضاً بعد حالات الضعف فيقول الرب فى هوشع 14 “ إرجع يا إسرائيل إلى الرب إلهك لأنك قد تعثرت باثمك... أنا أشفى إرتدادهم. أحبهم فضلاً، لأن غضبى قد ارتد عنه”.
وفى مزمور 37 يتكلم عن الإنسان المؤمن ويقول “ إذا سقط لا ينطرح لأن الرب مسند يده”.
ولكن الواضح من الكتاب أن الإنسان هنا فى الأرض لا يمكن أن يصل إلى مرحلة القداسة التامة، لأنه يحيا فى الجسد الضعيف (رومية7: 14- 25)
ولكن عند مجئ الرب نلبس الأجساد الجديدة ويكمل التبنى، وحينئذ فقط يصل المؤمن إلى مرحلة القداسة التامة.
أما نتيجة عملية التقديس المستمرة فهى ثبات المؤمن فى الإيمان ونموه فى النعمة حتى يأتى بثمر ويدوم ثمره.
++ وفى عمل التقديس نرى الإنسان مطالباً بأن يعمل مع الروح القدس من أجل الثبات والنمو، فيقول فى (1بطرس1: 13) “ لِذَلِكَ مَنْطِقُوا أَحْقَاءَ ذِهْنِكُمْ صَاحِينَ، فَأَلْقُوا رَجَاءَكُمْ بِالتَّمَامِ عَلَى النِّعْمَةِ الَّتِي يُؤْتَى بِهَا إِلَيْكُمْ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.”. وفى (1بطرس2: 11، 12) “..، أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ كَغُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ، وَأَنْ تَكُونَ سِيرَتُكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ حَسَنَةً”.
أما الوسائل التى نتقدس بها فهى:
(أ) الكلمة المكتوبة الغذاء الروحى(1بطرس1: 24، 2: 2)
(ب) الصلاة والصوم والشركة مع القديسين
(ج) المعمودية والعشاء الربانى (متى3: 11، أعمال2: 41، رومية6: 3، 1كورنثوس12: 13)
4- التمجيد:
وهو المرحلة الرابعة فى العمل الإلهى للخلاص.
والتمجيد يتم عندما يأتى ابن الإنسان فى مجده ويجمع قطيعه من حوله ويقول لهم: “ تعالوا رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم”.
وفى عبرانين 9: 28 يقول “ هَكَذَا الْمَسِيحُ أَيْضاً، بَعْدَمَا قُدِّمَ مَرَّةً لِكَيْ يَحْمِلَ خَطَايَا كَثِيرِينَ، سَيَظْهَرُ ثَانِيَةً بِلاَ خَطِيَّةٍ لِلْخَلاَصِ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ.”.
ومن هذه الآية نرى أن عملية ظهور الرب وكمال إعلان مجده وظهور العروس عن يمينه إنما هو جزء متمم للخلاص الذى أعده أمام كل الشعوب.
ليكمل خلاص شعبه (لوقا21: 27، 28 ، رومية8: 19- 22)
وليغير أجساد شعبه من الهوان إلى المجد (1كورنثوس15: 51- 54)
وليأخذ شعبه لنفسه ويجعلهم شركاء معه فى ملكوته (متى19: 28، 1كورنثوس6: 2، 3، 2تيموثاوس2: 11)
ويبقى الآن أمامنا دور الإنسان فى عملية الخلاص
وكما سبق الذكر أن دور الإنسان يتلخص فى ثلاثة أمور هى:
الإيمان
التوبة
الاجتهاد فى ممارسة وسائط النعمة.
1- الإيمان:
هو قبول المسيح مخلصاً وفادياً والثقة فى غفرانه ومحبته.
وبدون الإيمان لا يمكن إرضاء الله ( عبرانيين11: 6)
والإيمان بالمسيح يعنى معرفة شخص المسيح وسلطان المسيح وصلب المسيح والحاجة للمسيح.
فعندما يدرك الإنسان أن يسوع المسيح هو ابن الله الوحيد
وأنه الوحيد الذى له سلطان أن يغلب الموت
ويدرك أنه فى صليب المسيح قد تحققت مغفرة الخطايا
فانه يدرك فوراً أنه ليس بأحد غير يسوع الخلاص وأنه يحتاج له ويقبل إليه بكل إرادته، وبهذا الإيمان يرتبط المؤمن بيسوع المسيح ويقترن به “وَأَمَّا مَنِ الْتَصَقَ بِالرَّبِّ فَهُوَ رُوحٌ وَاحِدٌ.” (1كورنثوس6: 17).
ولكن لنذكر أن هذا الإيمان الذى للإنسان المؤمن هو أيضاً عطية مجانية من الله ( أنظر أفس2: 8، 9) “لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ.”
وبهذا الإيمان يتم الإتحاد بين المؤمن والمسيح إتحاداً روحياً وحقيقياً وغير قابل للانفصال لأن المؤمن يصير عضواً فى جسد المسيح، وجسد المسيح- الذى هو الكنيسة غير المنظورة – جسد حقيقى لأن بولس الرسول يكتب فى رسالة (رومية8: 38، 39) “ فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.”
ومع أن الإيمان قد يضعف أحياناً لكنه لا ينتزع متى دخل قلب الإنسان مرة لأن الذى يبتدئ به فى القلب يحفظه إلى النهاية “لأَنَّ الْمَسِيحَ إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ مَاتَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لأَجْلِ الْفُجَّارِ........وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ. ....” (رومية5: 6-10)
وفى رسالة فيليبى 1: 6 يقول الرسول بولس “وَاثِقاً بِهَذَا عَيْنِهِ أَنَّ الَّذِي ابْتَدَأَ فِيكُمْ عَمَلاً صَالِحاً يُكَمِّلُ إِلَى يَوْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. “.
وواضح أن الذى ابتدأ العمل الصالح هو الذى أعطى النعمة وهو الله نفسه وهو يكمل الصلاح والقداسة إلى الوصول إلى القداسة الكاملة فى يوم إعلان يسوع المسيح.
2- التوبة :
التوبة وهى تغيير الاتجاه من الشر إلى الخير، وهى شرط لابد أن يتوفر فى كل من يتبرر، وهى ليست سبب التبرير لأن التبرير نعمة من الله وعطية مجانية لكن الذى يتبرر يغير إتجاهه بالتوبة لكى يسلك على طريق القداسة بدلاً من السلوك فى طريق الشر.
والتوبة تقترن بالحزن على الخطية وكراهيتها.
وأيضاً الرغبة الصادقة والعزم الخالص على إطاعة شريعة الله العادلة.
والتوبة تتبرهن بالتذلل والاعتراف بالخطية أمام الله.
وبالتعويض عن الإساءات التى وقعت بالآخرين.
وقد نادى يوحنا المعمدان بالتوبة لأن ملكوت الله قد اقترب (متى3: 2).
وقد واصل الرب يسوع نفس الرسالة وأكملها (متى 4: 17)
وأمر أن تستمر نفس الرسالة بعده وتمتد إلى أقصى الأرض (لوقا 24: 47)
وقد قدم بطرس نفس الرسالة فى يوم الخمسين (أعمال2: 38)
كما نادى بولس أيضاً برسالة التوبة (أعمال17: 30 ، أعمال20: 21)
والتوبة ليست مجرد الدموع والبكاء لكنها الندم بالفكر على الشر وتغيير الاتجاه إلى الخير الذى فى شخص الرب يسوع. فقد ندم يهوذا الأسخريوطى على شره لكنه لم يغير فكره أو إتجاهه فلم ينتفع شيئاً.
3- الاجتهاد فى ممارسة وسائط النعمة:
وقد سبق الكلام عن مسئولية الإنسان فى مشاركة الروح القدس فى عملية التقديس أن يجتهد فى دراسة الكلمة المكتوبة فهى نافعة للتعليم.
والغذاء الروحى وكذلك ممارسة حياة الصلاة والشركة مع الله كما فى حفظ فرائض الرب فى المعمودية والعشاء الربانى والشركة مع المؤمنين.
ويبقى أمامنا الآن سؤال هام وهو:
كيف نقبل إلى هذا الخلاص ونتمتع ببركاته:
لقد دفع الإبن كل الثمن وهو دمه الذى يطهر من كل خطية.
وهو نفسه يعطينا هذا الخلاص مجاناً.
إلا أننا من ذاتنا لا نقدر أن نأتى إليه إذا لم يحركنا الروح القدس، لأنه مكتوب:”... وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ.” (1كورنثوس12: 3).
“ وبغير الاعتراف بيسوع أنه رب لمجد الله الآب لا خلاص لأن ليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغى أن نخلص” ولذلك فالروح القدس يحركنا ويعمل فينا أن نريد وأن نعمل لأجل المسرة، وبذلك يكون الإقبال إلى الخلاص بارادتنا التى يحركها الروح القدس.
وقد يعاند البعض بعض الوقت ولكنهم يدفعون ثمن العناد حتى يخضعوا لإرادة الله ولنأخذ لذلك مثال شاول الطرسوسى الذى قال له الرب: “ صعب عليك أن ترفس مناخس”... إلى أن قال: “ ماذا تريد يارب أن أفعل؟”.