هناك تعريفات كثيرة للآخر، مثل: مختلف عني في الجنس (امرأة – رجل) في الدين – في الحضارة .....إلخ؛ لكن يمكن اختصار كل ذلك في جملة واحدة هي "الآخر كل ما هو ليس أنا"، وعندما أحس بالرفض لإنسان ما لأول وهلة دون معرفة حقيقته عن قرب عليَّ أن أسأل لماذا أرفض الآخر؟ ربما لأنه الأجمل، أو الأكثر تنظيمًا، أو الأكثر ذكاءًا، أو الأكثر قبولًا عند الناس.... إلخ.
ما هو تعريف الآخر عند المسيح؟ (لوقا 10: 25-37)
في مثل السامري الصالح يجيب السيد المسيح على سؤال: من هو قريبي؟
"تحب قريبك كنفسك" ماذا يعني ذلك؟ إن المسيح قصد أن يقول: "إنَّ الذي لا يحب نفسه لن يحب الآخر"، والدعوة هنا لأن نحب أنفسنا، ليس بمعنى الأنانية لكن بمعنى أن نقَدر ما نحن فيه من فكر واجتهاد بل ونقبل شكلنا الخارجي ونحبه، وإذا لم نقبل أنفسنا كما نحن ونقبل أسرنا ونقبل وضعنا الاجتماعي، من المستحيل أن نحب الآخر أو نقبله أو نخدمه.
وفي نص أخر يقول: "فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، َاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلًا اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ." (متى 5: 23 -24)؛ هذا النص يؤكد على قبول الآخر ومحبته، في ثلاثة أبعاد:-
البعد الأول: إنساني الإلهي، وهنا يتحدث عن علاقة إنسان يؤمن بإلهه، وإذ قدَّم قربانًا لله، لكن الله لم ينظر إلى قربانه، بل وذكَّره أن لأخيه شيئًا عليه، إن هذا لا يحدث إلا مع إنسان له علاقة صحيحة مع الله.
البعد الثاني: إنساني إنساني، هنا يركز السيد المسيح على أهمية العلاقات الإنسانية. على الإنسان أن يترك القربان قدام المذبح وأن يتجه إلى أخيه المتخاصم معه ويصفح كل واحد منهما للآخر.
البعد الثالث: البعد الذاتي: أي اتخاذ القرار بترك القربان والذهاب للتصالح مع الأخر. (هذا القرار من أصعب القرارات) لأنه يلمس كرامة الإنسان، والدائرة لن تكتمل إلا بقراره أن يصطلح مع أخيه، وهذا ما ندعوه الانتصار الداخلي.