التأمل اليومي: الذات والحياة في المسيح

"فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ" (غلاطية 2: 20)

إن أول المعطلات عن مشابهة المسيح هي الذات. فالذات عندما تتحدث يصمت الروح القدس فينا.

هناك زاويتان علينا مواجهتهما في أمر مشابهة المسيح في التعامل مع الذات. سأتحدث هنا عن الأولى.

إنَّ الذات تتغذى على دوافع الأخذ، فنرى الكثير ممَن يبدأوا العلاقة مع الله، لكنهم لا يتغيروا ولا يتبدلوا ولا يختلفوا عن الذين من العالم. هذا أمرٌ خطير، وقد يسبب لصاحبه تصوّر مشوّه عن العلاقة مع الله – أي أن العلاقة مع الله قد تكون لحظة قرار وانتهى الأمر. وهذا خطأٌ شديد. فالعلاقة مع الله تشبه كثيرًا العلاقة مع شخص آخر، فهي ليست لحظة بل رحلة. وعندما أقرر أن تستمر علاقتي مع أحدهم فإني أقرر أن أغير جدول يومي المعتاد لأتقابل مع ذلك الشخص. عندما أقرر أن تستمر علاقتي مع أحدهم فإني أبذل جهدًا ومالًا ووقتًا لأجل ذلك الشخص. وفي رحلة العلاقة مع الله، أنا لا أتعامل مع أي شخص، بل أتعامل معه هو، مَن قال عن نفسه: "أنا هو". ذاك الذي أحبني في حالتي وبذل ابنه الوحيد لأجلي، ألا يستحق أن أبذل لأجله أي شيء؟ أو ربما كل شيء؟

وهنا، لحظة إدراكي لعظمة محبة ذلك الإله الخالق تتبدل نظرتي ويتغير تفكيري في تعاملي مع نفسي/ ذاتي. فأحب الله ويزداد حبي له وتنازلي عن نفسي وذاتي له. فأزداد تكريسًا وتقديسًا واتضاعًا وانكسارًا أمامه. فيصبح عمل أصابعه واضحًا في حياتي فتتغير صورتي يومًا وراء الآخر.

وعندما تتغير نظرتي من الأخذ إلى العطاء، أرى ما لم أستطع رؤيته داخل منطق الأخذ. تنفتح عيناي على الآخرين. لا على ما يفعلوه، بل على ما يحتاجوه. فأتبدل في تعاملي مع الفقراء والمتعبين والمهمشين والمجروحين، مع الأرامل واليتامى والغرباء، ومع فئات من الناس لا نتحدث عنهم كثيرًا مثل ذوي الاحتياجات أو المطلقين أو ربما المثليين. ألم يحبهم الله كما أحبنا؟ فيتجسد الملح في تأثيره والنور في ضيائه.

لتكن تلك الكلمات دافعًا لمراجعة نفوسنا ودوافعنا.

"إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا." (2كورنثوس 5: 17)


طباعة