العمل الإنجيلى فى منطقة الفيوم  

تاريخنا الزيارات: 798

     فى 21 ديسمبر 1865 قدم إلى الاسكندرية القس الدكتور وليم هارفى[1] المرسل الأمريكى الاسكتلندى الأصل- وبعد أن قضى بالاسكندرية حوالى 15 يوماً سافر إلى القاهرة ومنها توجه إلى الفيوم، فوصلها فى 17 يناير 1866 بعد سفر استغرق ستة أيام.

     وفى الفيوم بدأ خدمته بافتتاح مدرسة للبنين ثم مدرسة للبنات وفى مبناها المستأجر بدأت الخدمة الإنجيلية بالفيوم وكان المعلم تادرس يوسف ( الذى أصبح بعد ذلك أول قسيس انجيلى مصرى ) يقوم بالخدمة فى هذا المكان.

     واتجه القس هارفى إلى (سنورس) حيث أشترى قطعة أرض فى سنة 1869 وبنى عليها مسكناً له، وخصص حجرات منه لتكون احداها مدرسة للبنين وأخرى للبنات وثالثة لتكون كنيسة. وتم تنظيم كنيسة سنورس فى 25 مارس 1873، وفى نفس السنة شرع فى بناء مبنى للكنيسة وانتهى من بنائها بعد عامين، وقد استورد مختلف الأخشاب اللازمة للكنيسة من أمريكا.

     وفى وثيقة خطية وجدت بالمدرسة الإنجليزية بسنورس كتب:

       " أنه فى 18 شهر ماى انكليزى 1869 قد أراد الله بناء محل فى سنورس بالفيوم وكان وضع أساسه يوم الثلاث 18 شهر ماى انكليزى والمرغوب بهذا البيت هو عبادة الآب والابن والروح القدس الإله الواحد ولأجل تعليم الأطفال بعض العلوم ولا سيما فى تعليم انجيل يسوع المسيح مخلصنا، والذين كانوا موجودين فى ذلك الوقت لأجل التعليم وهم ثلاثة وعشرون ولداً..."

       وقد تم تنصيب القس شنودة حنا راعياً لكنيسة سنورس فى 13 فبراير 1876 وهو من أبرز أعلام الكنيسة الإنجيلية فى مصر، وفى السطور التالية نسرد لمحة عن حياته:

     ولد بمدينة أسيوط فى 18 يناير 1855 ( فى يوم عيد الغطاس) وكان والده السيد حنا اسحق يعمل موظفاً بمديرية أسيوط- بدأ فى تلقى علومه الأولية وعمره خمس سنوات فى مكتب العريف دوس حيث حفظ المزامير وتعلم اللغة القبطية ومردات القداس، ولما جاء القس يوحنا هوج إلى أسيوط وأسس المدرسة الإنجيلية هناك كان شنودة وشقيقه ساويرس الذى يكبره بحوالى ثلاث سنوات أول من التحق بهذه المدرسة، لكنه فى نفس الوقت كان يواظب على حضور القداس بكنيسة الأقباط الأرثوذكس فى آيام الأحد، وكان يقرأ القراءات الكنسية فيها باللغتين العربية والقبطية مما لفت نظر القس يوحنا هوج الذى كان يذهب للكنيسة القبطية قبل موعد بدء الخدمة الإنجيلية وقال لشنودة ذات مرة:

     " كم وكم يزداد سرورى إذا رأيتك يا ابنى واقفاً على منبر إنجيلى لتنادى للشعب بكلمة الحياة الأبدية، فليت الرب يرينى هذا المنظر ويمتعنى به فى حياتى"

     وانضم شنودة للكنيسة الإنجيلية فى 20 ديسمبر 1868 ورسم شماسا بها فى 1 أبريل 1870. وأصبح سكرتيراً لمجلس الكنيسة. درس اللاهوت نظرياً فى صف افتتح بالرمل بالاسكندرية وذلك سنة 1871 وتدرب على الخدمة عملياً فى أسيوط- وتتلمذ فى الدراسة اللاهوتية على يوحنا هوج وجوليان لانسنج ويون- وتدرب على الخدمة فى المطيعة وباقور والنخيلة بأسيوط وسوهاج والأقصر وقوص والعضايمه واسنا.

     تزوج من السيدة حكيمة حنا ألسنجق ( من أخميم) سنة 1873، رخص له المجمع المصرى بالعمل كمبشر فى سنورس فى 25 مارس 1875 وقام بأول خدمة فى هذه الكنيسة فى 29 مايو 1875 ودار موضوع موعظته الأولى حول الشاهد الكتابى:" كما كنت مع عبدى موسى أكون معك لا أهملك ولا أتركك" ( يشع 1: 5) ثم " تشدد وتشجع " ( يشع1: 6).  وقدمت له الدعوة لرعاية هذه الكنيسة وسيم ونصب قساً وراعياً فى يوم الأحد 13 فبراير 1876 وبرسامته صار فى كل مصر 4 قسوس هم: جرجس عبيد وأسكاروس مسعود وجرجس روفائيل وشنودة حنا.

     وفى سنورس خدم مع الدكتور هارفى فى إدارة مدرستى البنين والبنات وقبل فى عضوية الكنيسة ابان رعايته لها أكثر من 300 عضو وأول عضو قيد بسجلات الكنيسة هو المعلم فانوس حنا. كما رسم فى عهده 9 شيوخ و3 شمامسة.

     وقد امتدت خدمته إلى الكنائس المجاورة لسنورس لا سيما كنيسة أل ويصا فى أبو كساه وكنيسة فيديمين. أما كنيسة آل ويصا فكان قد بناها جورجى (بك) ويصا فى أبعاديته وعين المجمع بها بعض المبشرين ثم تولاها القس شحاته منصور وكان يشجعه القس شنودة حنا بالرغم من ضآلة حجم العضوية بها. وذات مرة حضر إلى أبو كساه زكى (بك) ويصا وحبيب (بك) خياط وقرينتيهما وحضروا خدمة الأحد فى هذه الكنيسة وأبدوا استعدادهم للمساهمة فى أن يخدم بهذه الكنيسة راع ثابت فذهب القس شنودة مع القس جبرا حنا راعى كنيسة الفيوم إلى أسيوط وقابلا كل من جندى ويصا ونصيف ويصا لطلب معونتهما لهذه الكنيسة واختير السيد شحاته منصور ليكون راعياً لهذه الكنيسة. وبفضل خدمة القس شنودة تخرج من سنورس 12 خادماً- كما أنه عمد 1015 طفلاً.

     وكان قد انتخب عضواً بالمجلس الملى الإنجيلى العام فى بدء تشكيله فى 6 مايو 1902 ثم أعيد انتخابه فى مارس 1916 وظل عضواً به حتى وفاته فى سنة 1921.

     كما أنه بمجهوداته تم توصيل خط السكة الحديد إلى سنورس وكذلك فتح مكتب للبريد بها.

     وفى سنورس التأم المجمع المشيخى المصرى سنة 1881 وذلك مدة خمسة أيام وحضره 45 شخصاً.

     وتوفى القس هارفى فى  20 نوفمبر 1908 بعد أن أقام خدمة ناجحة فى الفيوم وسنورس وما حولهما.

     والجدير بالذكر أنه خلف القس شنودة فى الخدمة القس وهبى بولس منذ 24 يناير 1923، وكان أميناً لسنودس النيل الإنجيلى لمدة 18 عاماً وكان أيضاً سكرتيراً لمدارس الأحد، وظل يخدم هذه الكنيسة حتى وفاته فى 25 مارس 1949. ثم جاء بعده الأخ قزمان ملك ثم القس وهيب فهمى أيوب وأخيراً الراعى الحالى القس رمسيس ناشد منذ يونيو1960.

كنيسة الفيوم:

 

     كما سبق أن ذكرنا، يرجع للقس هارفى الفضل فى وضع اللبنة الأولى فى بناء كنيسة الفيوم. وفى أواخر سنة 1897 صدر الأمر الخديوى ببناء هذه الكنيسة وبالفعل بدأت أعمال البناء فى 5 ديسمبر 1897، وقد قام الشيخ ابراهيم السنوفرى( الذى تعلم القراءة ومبادئ اللغتين العربية والإنجليزية، قبل فى عضوية الكنيسة الإنجيلية بسنورس فى 9 مايو 1895) بجولة واسعة لصالح جمع تبرعات لبناء هذه الكنيسة وكانت بداية الجولة قد أسفرت عن جمع 80 جنيهاً، وبعد شهر من التجوال سافر إلى قوص فى 5 فبراير 1898 وحصل على مائة جنيه مساعدة من المجمع واتجه إلى القاهرة للجمع منها فى 10 أغسطس 1898 [2].

     وفى 6 ديسمبر 1898 تم تدشين مبنى الكنيسة وكان أول من قام بالخدمة فيها الخواجا مرقس غبروس ( الذى سيم بعد ذلك راعياً لكنيسة أبنوب). وكان الشيخ ابراهيم السنوفرى والشيخ صموئيل مسيحه هما أول شيخين للكنيسة وتم تنصيبهما فى 15 ديسمبر 1907.

وتعاقب على خدمة الكنيسة القس جبرا حنا فى المدة 1907- 1942 ، والقس عياد زخارى فى المدة 1945- 1950 فالراعى الحالى القس أديب حبيب منذ أبريل 1951.

كانت هناك أيضاً كنيسة فى فيديمين.

     ومن أبرز المرسلين الذين خدموا بمنطقة الفيوم الدكتور أسكرن الذى كانت له خدماته فى المجالات الدينية والاجتماعية والطبية واستمرت هذه الخدمة فى تلك المنطقة حوالى 38 عاماً حتى وفاته فى 19 يناير 1939 [3].

     والجدير بالذكر أنه كان قد احتفل باليوبيل الفضى لخدمته فى الفيوم فى يوم 15 فبراير 1929 وفى هذا الحفل ألقيت عدة كلمات عن دكتور اسكرن وأنشطته المختلفة، فتحدث د. ابراهيم أبادير عنه كطبيب والأستاذ حسين الحكيم عن خدماته للمجلس البلدى الذى كان عضواً فيه، وفوزى الديرى عن تشجيعه للصحافة، وأحمد بك رشيد عن عضويته فى جمعية الاسعاف بالفيوم[4]   

 

[1]  ولد فى جلاسجو(اسكتلندا) سنة 1835 وتلقى بعض العلوم الأولية بها، وسافر مع أسرته إلى أمريكا سنة 1850م، وهناك انضم للكنيسة الإنجيلية بها، وفى سن العشرين عمل مع والده فى الأشغال الميكانيكية ثم استكمل دراسته فى المدة من 1858- 1862م ودرس العلوم اللاهوتية فى المدة 1862- 1865 وعمل بالكرازة فى أمريكا لمدة خمسة شهور حتى جاء إلى مصر.

[2]  الهدى- 26 نوفمبر 1938، من الجدير بالذكر أن الشيخ ابراهيم السنوفرى ولد فى 17 مايو وعمل وهو فى سن الرابعة عشر بتفتيش الدائرة السنية بالفيوم وفى أول يناير 1906 عمل بالكرازة فى قرى الفيوم لا سيما: أطسا – العتامنه- منشأة حلفا – النزلة – منية الحيط – طبهار، وبجهوده افتتحت مدارس انجيلية بالقرى الثلاث الأخيرة. اختير سكرتيراً للمجلس الملى الإنجيلى العام وذلك فى المدة 1910- 1937، وتوفى فى 26 أكتوبر 1938.

[3]  نعاه القس وهبى بولس راعى سنورس فى مقال نشرته له جريدة الإيجبشيان جازيت- العدد الصادر فى 29 يناير 1939.

[4]  الهدى – 1 مارس 1929

طباعة