حركة الإصلاح ونشأة المشيخية

تاريخنا الزيارات: 769

     بدأت حركة الإصلاح الدينى فى ألمانيا فى القرن السادس عشر وامتدت إلى كل بقاع أوربا وأمريكا.

     وكان من أوائل رواد حركة الإصلاح الراهب الأوغسطينى مارتن لوثر، وقد ولد من أبوين فقيرين فى ايزلبين السكسونية بألمانيا سنة 1483 وتلقى تعليمه فى مدرسة مانسفيلد ثم فى مدرسة الأباء الفرنسيسكان فى مجد برج ودرس القانون بجامعة إرفرت منذ 1501، ثم نال بكالوريوس فى الآداب وبعد عامين نال درجة الدكتوراه فى الفلسفة.

     سيم كاهنا سنة 1507 وعين بعد عام أستاذا محاضرا بجامعة وتنبرج.

     احتج على الكنيسة الكاثوليكية سنة 1517 بعدما واجه راهبا من الآباء الدومنيكان يدعى جون تتزل يبيع صكوك الغفران- وفى 31/10 من نفس السنة علق على باب كنيسة القلعة فى وتنبرج وثيقة تتضمن 95 احتجاجا منها:[1]

    

     وقد بدأت أفكار لوثر فى الإنتشار منذ 1520، وفى سنة 1529 قرر مجمع سبيرز منع اللوثرية من الإنتشار ولما حاول الامبراطور تشارلس الخامس قمع اللوثرية، وصله احتجاج من تابعيها موضحين فيه التزامهم بطاعة الله أكثر من الناس.

     ومنذ ذلك الحين لقب المنادون بالإصلاح بالمعترضين أو المحتجين Protestant [2]

     ويقول الدكتور " Horner" أن كلمة " بروتستانت" فى أصلها اللاتينى تدل على معنى ايجابى وهو الشهادة من أجل شئ Pro testari ولا تعبر فقط عن حركة الاحتجاج [3]

     وقد قرر بابا روما حرم لوثر، فاضطر لوثر للرد، فوجه خطابا للشعب الألمانى ليتخذ موقفا حازما ضد استبداد البابوية، وخطابا آخر للاكليروس يهاجم فيه بعض التعاليم الكنسية وعقيدة الكنيسة فى بعض الأسرار، ونشرة أكد فيها الصفات المفرحة للحرية المسيحية كما ترى فى طاعة الله وخدمة الآخرين.

     تزوج لوثر سنة 1525 من احدى الراهبات، توفى سنة 1546 فى أثناء زيارته للمدينة التى ولد فيها.

     وقد وضع لوثر مؤلفات كثيرة تقع فى 60 مجلدا بخلاف المخطوطات.

     هذا وقد عاصر لوثر مصلحون آخرون لاسيما:

ألريك زونجلى:

     ولد فى قرية فلدهاوس على بحيرة زيورخ بسويسرا سنة 1484، أرسله أبواه للدراسة فى برن وهناك التقى به بعض الآباء الدومنيكان ودعوه للرهبنة لكن والده عارضه فى ذلك، ثم ذهب الى بازل لدراسة اللاهوت. عين راعيا لمدينة جلاريس(1506) ثم أصبح واعظا لدير الآباء البندكتيين فى أفسدلن (1516)[4] ، وعينه البابا ليو العاشر كاهنا خاصا لدى الكرسى البابوى ثم أصبح " كاهن الشعب" فى كاتدرائية زيورخ(1518).

     قاد حركة الاصلاح فى سويسرا وخاصة بعد ذهاب راهب فرنسيسكانى يدعى شمشون الى هناك لبيع صكوك الغفران.

     ومن الملاحظ  أنه بينما أبقى لوثر على كثير من العلامات الخارجية للعبادة فى الكنيسة الكاثوليكية نجد زونجلى يرفضها- وقد اختلف زونجلى مع لوثر فى موضوع " العشاء الربانى" وكانا قد التقيا بهذا الشأن فى ماربورج سنة 1529، ونتيجة للخلاف بين اللوثريين والزونجليين حول عقيدة العشاء الربانى حدث انشقاق، نشأت عنه:

الكنائس اللوثرية Lutheran Churches

الكنائس المصلحة Reformed Churches

     ومات زونجلى فى الحرب سنة 1531، وتابع حركة الاصلاح بعده:

جون كالفن:

     ولد فى مدينة نابون بفرنسا سنة 1509، درس العلوم اللاهوتية فى باريس، والقانونية فى أورليانز. وكان والده يرغب فى أن يكون محامياً.

     وضع كتابا بعنوان : أسس الدين المسيحى (1536) بعد انقطاعه عن الكنيسة الكاثوليكية بثلاث سنوات، ثم وضع كتابا ضخما أسماه: النظم المسيحية Christian Institutes ، شرح فيه العقيدة الكتابية شرحا مفصلا. وأسس سنة 1559م أكاديمية جنيف، وأعلن أن المسيحية والتعليم مرتبكان ومن يرد نسيحية قوية، فعليه أن يفتح باب الدراسة واسعاً للمسيحيين.

     وقد اتخذ كالفن موقفا وسطا بين لوثر وزونجلى بشأن العشاء الربانى إذ قال إن حضور السيد المسيح لم يكن فعلا فى الخبز والخمر، بل فى قلب المؤمن الأمين الذى يتناول السر، لذا لقب هذا التعليم بالمرحبReceptionism .

     وأسس جون كالفن النظام المشيخى فى الكنيسة والذى بمقتضاه يختار الشعب من بينهم شمامسة لخدمة أمور الكنيسة الزمنية وجميع التقدمات والعناية بخدمة الفقراء، وشيوخا مدبرين هم الذين يدبرون الأمور الادارية ويزورون الأعضاء ويفتقدونهم، وشيخاً معلماً هو القسيس الذى يعظ بالكلمة ويرأس مجلس الكنيسة.[5]

     وقد استمرت خدمة كالفن حتى وفاته عام 1564- وصارت " الكلفينيه" حركة دولية امتدت الى هولندا وفرنسا (1555م) ثم اسكتلندا(1560م) وبعد ذلك اتجهت الى انجلترا بالرغم من معارضة الكنيسة الأسقفية، ثم أيرلندا وألمانيا، ومنها الى أمريكا ومن هناك جاء العمل الإنجيلى الى مصر.

[1]  القس باقى صدقه( معرب)، حياة لوثر، الطبعة الثانية، القاهرة، 1978

[2]  المطران اسحق مسعد (معرب)، نشأة الطوائف فى المسيحية، القاهرة، 1977 ص 93

[3]  الدكتور  Horner من الكنيسة المشيخية المتحدة بأمريكا، وقد دعاه المعهد الاكليركى للأقباط الكاثوليك بالمعادى لالقاء محاضرات عن: البروتستانتسة اليوم- نشرت خلاصتها فى مجلة صديق الكاهن، العدد الثانى، يونيو 1972، ص 103- 112

[4] الدكتور عزت زكى، تاريخ المسيحية: فى عصر الاصلاح، القاهرة، 1980، ص87 و88

[5] القسوس: اميل زكى وفايز فارس ومنيس عبد النور، ايمانى الإنجيلى، القاهرة 1977، ص20

طباعة