يوحنا بن زبدي

شخصيات كتابية الزيارات: 2061

- يوحنا اسم يوناني معناه " الرب حنَّان " . وهو الابن الأصغر لزبدى وسالومة ، وأخو يعقوب مت 4: 21 . هو من " بيت صيدا " الجليل ، ويعمل فى مهنة صيد السمك مت 4: 21-22 ، مر 1: 19-20 ، لو 5: 10 . لم يتلق تعليماً دينياً رسمياً فى المدارس اليهودية

" فلمَّا رأوا مجاهرة بطرس ويوحنا ، ووجدوا أنهما إنسانان عديما العلم ، وعامّيَّان ، تعجبوا ! فعرفوهما أنهما كانا مع يسوع " أع 4: 13 .

- كان يوحنا من عائلة ميسورة الحال للأسباب الآتية :

أ‌. لأن أباه " زبدى " كان يملك عدداً من القوارب ، وكان يستأجر أجْرَى لمساعدته فى مهنة الصيد المُرْبِحَة " ثم اجتاز من هناك قليلاً ، فرأى يعقوب بن زبدى ويوحنا أخاه وهما فى السفينة يُصْلحان الشِبَاك . فدعاهما للوقت . فتركا أباهما زبدى فى السفينة مع الأجْرَى ، وذهبا وراءه " مر 1: 19-20 .

ب‌. لأن العمل كان كبيراً فكانت أسرته فى شراكة مع بطرس وأندراوس ابنى يونا " فأشاروا ( بطرس وأندراوس وبعض الصيادين معهما ) إلى شُرَكائهم الذين فى السفينة الأخرى ( يعقوب ويوحنا ابنا زبدى ومن يساعدونهما ) أن يأتوا ويساعدوهم ... وكذلك أيضاً يعقوب ويوحنا ابنا زبدى اللذان كانا شَريكى سمعان " لو 5: 7 ، 10 .

ت‌. أن أمه " سالومة " كانت من بين النساء اللاتى يخدمن يسوع من أموالهن لو 8: 3 .

( ملحوظة : يبدو من المقارنة بين مت 27: 56 ، و مر 15: 40 ، 16: 1 ، مع يو 19: 25 ، أن " سالومة " هى أم ابنى زبدى . وهى أيضاً أخت مريم أم يسوع ، أى أن يوحنا كان ابن خالة يسوع . ومن هنا يمكن فهم لماذا عَهَدَ يسوع وهو على الصليب بأمه ليوحنا " فلمَّا رأى يسوع أمه ، والتلميذ الذى كان يحبه واقفاً ، قال لأمه : يا امرأة هوذا ابنك . ثم قال للتلميذ : هوذا أمك . ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته " يو 19: 26-27 )

ث‌. كان ليوحنا بيت خاص فى أورشليم " ... ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته " يو 19: 27 . كما أنه كان معروفاً عند رئيس الكهنة يو 18: 15-16 .

- وكانت منطقة الجليل بوجه عام مُحْتقَرة من ساكنى اليهودية و أورشليم ؛ لاختلاطها بالأمم الوثنيين ، ولافتخار اليهودية وأورشليم أن المسيا يأتى من بيت لحم ، فى حين أنهم لم ينتبهوا إلى نبوة إشعياء 9: 1-3 الخاصة بتحوُّل إشراق المسيا من " اليهودية " إلى " الجليل " ، لقساوة قلب اليهودية فى القديم . ولأجل ذلك بدأت دعوة المسيا ( المسيح ) لتلاميذه من الجليل ، ولم يختر إلا واحداً من أورشليم واليهودية وهو يهوذا الإسخريوطى !

- وكان الرب قد قدَّم الدعوة ليوحنا ليكون من تلاميذه ثلاث مرات :

1. الدعوة الأولى وكانت فى ديسمبر سنة 26م : ووقتها كان تلميذاً للمعمدان – وزميلاً لأندراوس بن يونا فى هذه التلمذة . ولابد أنه قضى أياماً كثيرة مع معلمه فى الصحراء ، ووسط الجموع عند نهر الأردن . فكان يترك العمل ويسافر – مع أندراوس - من بيت صيدا لمسافة 90كم إلى بيت عبرة عند نهر الأردن ، فى مسافة تستغرق يومان فى الذهاب . واستمع يوحنا بن زبدى لكثير من تعاليم المعمدان وشهاداته ليسوع بأنه حمل الله الذى يرفع خطية العالم ، وابن الله الوحيد يو 1: 29-36 ، لذلك قَرَّر أن يترك المعمدان وبادر باتِّباع يسوع ، وكان ذلك فى الساعة الرابعة عصراً ( العاشرة بحسب التوقيت اليهودى ) ، أى إنه لا ينسى ساعة تجديده يو 1: 35-39 ! وفى هذه الفترة يجب الإشارة إلى ثلاث ملاحظات هامة :

أ‌. إن رغبة يوحنا فى معرفة الحق كانت أعظم من رغبته فى التعلق بالأشخاص مهما كانت قداستهم . فلم يتعلق يوحنا بمعلمه المعمدان الذى كان عند الشعب نبياًّ وقِدّيساً ، وهو كذلك . لكنه عندما عرف أن يسوع هو أعظم من المعمدان ، وأنه حَمَل الله الذى يرفع خطية العالم بادر باتِّباع يسوع وتَرْك المعمدان .

ب‌. إن يوحنا سَارَعَ عند عودته من بيت عَبْرة فى عَبْر نهر الأردن إلى بيت صيدا بأن يدعو يعقوب أخيه للقاء يسوع يو 1: 41-42 .

ت‌. إن يعقوب أخى يوحنا لم تجذبه تلمذة أخيه على يدى المعمدان أن يكون تلميذاً للأخير ، بِقَدْر ما جذبه تلمذة أخيه على يدى يسوع ، فصار تلميذاً ليسوع . وهذا الفارق الذى أحدثه يسوع فى حياة وسلوك يوحنا هو الذى أقنع يعقوب بالمجئ إليه .

( ملحوظة : لم يكن يوحنا بن زبدى قد تزوج فى هذا الوقت ، ولكن يمكن استنتاج ذلك من قول بولس الرسول " ألعلنا ليس لنا سلطان أن نجول بأخت زوجة كباقى الرسل ، وإخوة الرب ، وصفا ؟ " 1كو 9: 5 . كما يتضح أن يوحنا كان له بيت خاص فى أورشليم ، وهو البيت الذى قام فيه برعاية خالته أم يسوع " ... ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته " يو 19: 27 ) .

2. الدعوة الثانية وكانت فى شتاء سنة 28م : أى بعد حوالى سنة من الدعوة الأولى " ثم اجتاز من هناك ، فرأى أخوين آخرين : يعقوب بن زبدى ويوحنا أخاه فى السفينة مع زبدى أبيهما يُصْلِحان شباكهما ، فدعاهما . فللوقت تركا السفينة ، وأباهما ، وتبعاه " مت 4: 21-22 ، مر 1: 19-20 . ولا شك أن ترك يوحنا ويعقوب العمل مع أبيهما زبدى قد سَبَّبَ له خسارة كبيرة ، لكننا لا نلاحظ أى اعتراض من جانب الأب . وفى الوقت ذاته لم يكن للأب تأثير روحى واضح فى حياة ابنائه .

وفى الغالب مات زبدى بعد فترة من اتِّباع ابنيه ليسوع ، مما أتاح لزوجته " سالومة " أن تكون تلميذة للرب . فقد كانت من بين النساء اللواتى تبعن يسوع وكن يخدمنه من أموالهن ، وكانت واقفة عند صليب يسوع ، وذهبت مع النسوة فى صباح الأحد بالحنوط لدهن جسد يسوع مت 27: 56 ، مر 15: 40 ، 16: 1 .

3. الدعوة الثالثة وكانت فى صيف سنة 28م : وكانت بعد سنة ونصف من الدعوة الأولى ، وبعد حوالى 6 أشهر من الدعوة الثانية ، حيث اختاره الرب ليكون من بين الإثنى عشر رسولاً المرافقين الدائمين له " وفى تلك الأيام خرج إلى الجبل ليصلى . وقضى الليل كله فى الصلاة لله . ولمَّا كان النهار دعا تلاميذه ( وكانوا بالمئات يو 6: 60 ، 1كو 15: 6 ) واختار منهم اثنى عشر ، الذين سَمَّاهم أيضاً رُسُلاً " لو 6: 12-13 ، " وجعل لسمعان اسم بطرس . ويعقوب بن زبدى ويوحنا أخا يعقوب ، وجعل لهما اسم بُوَانرجس ، أى ابنى الرعد " مر 3: 16-17 ، مت 10: 2 .

- وبملاحظة ترتيب ذِكْر اسماء الرسل الإثنى عشر فى القوائم الأربعة المذكورة فى العهد الجديد فى مت 10: 2-4 ، مر 3: 16-19 ، لو 6: 14-16 ، أع 1: 13 ، يمكن استنتاج الآتى :

1. إن بطرس مذكور أولاً على رأس القوائم الأربعة ، ويهوذا الإسخريوطى الخائن أخيراً .

2. إن الأربعة الذين دعاهم المسيح أولاً ( بطرس وأندراوس ويعقوب ويوحنا ) يشغلون المراكز الأربعة الأولى دائماً فى جميع القوائم .

3. إن اسم كل رسول فى مجموعته الرباعية هو ثابتٌ دائماً لا يتغير فى القوائم الأربعة .

4. إن اسم كل رسول فى مجموعته الرباعية لا يمكن أن يحل محل أى اسم آخر فى المجموعتين الثانية والثالثة .

5. وهذا يعنى أن نظاماً ثابتاً تمَّ اتِّباعه فى تسجيل أسماء الإثنى عشر فى الأناجيل وأعمال الرسل . وبناء عليه يمكن تقسيم الاثنى عشر إلى ثلاث مجموعات رباعية . وكانت المجموعة الرباعية الأولى هى : بطرس بن يونا ، وأندراوس بن يونا ، ويعقوب بن زبدى ، ويوحنا بن زبدى . ويُلاحَظ فيها أن " بطرس " يأتى دائماً على رأسها ، وذلك فى القوائم الأربعة المذكورة فى الأناجيل وسفر الأعمال . وهو ما يعنى أن بطرس كان هو القائد المُعَيَّن من الرب لقيادتها . ولنا أن نتساءل هنا تساؤلين على الأقل :

أ‌. كيف يقبل أندراوس ويوحنا وهما أول من بادرا باتِّبَاع يسوع ، وتتلمذا على يديه ، أن يكون قائدهما بطرس الذى أتى ثالثاً ليسوع ؟

ب‌. وكيف يكون بطرس قائداً لأبيه الروحى أندراوس الذى أتى به ليسوع ؟

ت‌. وهل كان التعيين لقيادة المجموعة بناء على المرحلة العُمْرية أم القامة الروحية ؟

- كما كان يوحنا ضمن دائرة التلاميذ الأقرب من يسوع وهى : بطرس ويعقوب ويوحنا ( مع أن أندراوس سبق يوحنا فى معرفة الرب ! ) ، فسمح لهم وحدهم أن يُعَاينوا ثلاثة أحداث على الأقل :

1. إقامة ابنة يايرس مر 5: 37 ، لو 8: 51 ( وكان ذلك فى خريف 28م فى كفر ناحوم ) .

2. التجلى مت 17: 1 ، مر 9: 2 ، لو 9: 28 ( وكان فى نواحى قيصرية فيلبس فى صيف 29م ) .

3. جهاد يسوع فى بستان جثسيمانى مت 26: 37 ، مر 14: 32-33 ( ليلة الجمعة ، فى جبل الزيتون ، أبريل 30م ) .

وفى نواحى قيصرية فيلبس ، فى صيف سنة 29م ( التجلى ) :

- يقول البشير لوقا " وبعد هذا الكلام ( عن آلامه ورفضه من شيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ، وموته ، وقيامته فى اليوم الثالث ع22 ) بنحو ثمانية أيام ، أخذ بطرس ويوحنا ويعقوب ، وصعدَ إلى جبل ، ليُصَلِى . وفيما هو يصلى صارت هيئة وجهه متغيرة ، ولباسه مُبْيَضاً لامعاً " لو 9: 28-29 .

والسؤال هنا هو : ماذا كان موضوع صلاة يسوع ، والذى نتج عنه ذلك التجلى الإلهى ليسوع ، وظهور موسى وإيليا معه ؟

- إن يسوع الذى كان يشعر فى ذلك الوقت بالرفض الشديد من قادة الأمَّة الإسرائيلية ، كان يتضرع فى صلواته للآب أن يعلن لتلاميذه الثلاثة حقيقة شخصه ، التى كان الآب قد بدأ للتو فى إعلانها لسمعان بن يونا فى قيصرية فيلبس " ... أنت المسيح ابن الله الحى . فأجاب يسوع وقال له : طوبى لك يا سمعان بن يونا ، إن لحماً ودماً لم يُعْلِن لك ، لكن أبى الذى فى السموات " مت 16: 16-17 . وبعد هذا الإعلان المجيد عن ألوهية يسوع المسيح ، بدأ يسوع يُعَلِم تلاميذه أمراً بدا أنه مُناقِضاً لهذا الإعلان " أنه ينبغى أن يذهب إلى أورشليم ، ويتألم كثيراً من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ، ويُقْتَل ( !؟!؟ ) وفى اليوم الثالث يقوم " مت 16: 21 . فكان التساؤل الذى حار التلاميذ فيه هو : إذا كان يسوع هو المسيح ابن الله الحى ، فكيف يمكن لله الظاهر فى الجسد أن يموت ؟

إن هذا هو ما دعا بطرس إلى أن ينتهر يسوع قائلاً له " حاشاك يا رب . لا يكون لك هذا " ع21-23 ! لكن يسوع انتهر بطرس بشدة وقال له " اذهب عنى يا شيطان ! أنت معثرة لى ... " ع23 !!

- ويبدو أن يسوع قد شعر أن تلاميذه يَصْعُب عليهم فهم هذه الأحجية ، ومن هنا كانت صلواته للآب السماوى ليبرهن بالدليل القاطع على صِحَّة الإعلان الذى أعطاه لبطرس فى قيصرية فيلبس . واستلزمت البرهنة إثبات أمرين أساسيين وهما :

1. أن يسوع هو المسيح ، ابن الله الظاهر فى الجسد .

2. أن ابن الله الظاهر فى الجسد سيتألم ويموت بالجسد فداءً لشعبه .

- فأخذ يسوع من تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا ، وصعد بهم إلى جبل عالٍ منفردين ، ليرفع هاتين الطِلبتين للآب . وكان أن استجاب الآب للطِلبتين " وفيما هو يصلى ( 1 ) صارت هيئة وجهه متغيرة ، ولباسه مُبْيَضاً لامعاً . ( 2 ) وإذا رجلان يتكلمان معه ، وهما موسى وإيليا " ع29-30 . ولأن يسوع " إذ كان فى صورة الله ، لم يحسب خُلسة أن يكون مُعَادِلاً لله . لكنه أخلى نفسه ، آخذاً صورة عبد ، صائراً فى شِبْه الناس ... " في 2: 6-7 ، سمح الآب بتجليه النورانى الإلهى المجيد ، وكان هذا إثباتاً لإلوهية يسوع . كما أرسل الآب كل من موسى الذى كان قد مات قبل ذلك الوقت ب 1400 سنة ، وهو يمثل شهادة الناموس ( الذى هو الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم ) بأن المسيا الإله سيتألم ويموت ، وإيليا الذى نُقِلَ إلى السماء قبل ذلك الوقت ب 900 سنة ، وهو يمثل شهادة أنبياء العهد القديم فى ذات الشأن لو 24: 25-27 ، أع 3: 17-26 ، وذلك لإثبات أن ابن الله الظاهر فى الجسد ، هو المسيا ، الذى سيتألم ويموت فداءً لشعبه ، وقد لُوحِظَ هذا المعنى فى كلام موسى وإيليا مع يسوع ، وسماع التلاميذ الثلاثة لهذا الكلام " وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه ، وصعد بهم إلى جبل عالٍ منفردين . وتغيرت هيئته قدامهم ، وأضاء وجهه كالشمس ، وصارت ثيابه بيضاء كالنور . وإذا موسى وإيليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه " مت 17: 1-3 ، " اللذان ظهرا بمجد ، وتكلما عن خروجه ( موته مصلوباً خارج أورشليم عب 13: 11-12 ) الذى كان عتيداً أن يُكَمِله فى أورشليم " لو 9: 31 .

- ثم كانت الشهادة الثانية الدامغة من الآب بألوهية يسوع ، وبأنه واحد مع الآب فى الجوهر ، لمَّا قال للثلاثة التلاميذ " هذا هو ابنى ( مز 2: 7 ) الحبيب الذى به سررتُ . له اسمعوا " ع5 . وهى الشهادة التى سمعها يوحنا المعمدان من السماء مت 4: 17 ، لكن الثلاثة الرسل ، الصيَّادين ، رأوا وسمعوا ما هو أعظم وأمجد مما رآه يوحنا المعمدان بن زكريا الكاهن !

- وهذه هى قيمة يوحنا بن زبدى وهى :

1. أنه من أوائل التلاميذ الذين أدركوا بالدليل القاطع أن يسوع هو الله الظاهر فى الجسد ، الذى سيموت ليفدى شعبه من خطاياهم .

2. أنه تأكد من هذا بشهادة شاهدين من أعظم أنبياء العهد القديم هما موسى وإيليا !

3. أنه أخذ وصية من الآب بأن يسمع ويصدق ما قاله ويقوله يسوع " له اسمعوا " مت 17: 5ب .

- وياللعجب فإن الذى رآه يوحنا بن زبدى ( ومعه بطرس ويوحنا ) متجلياً على الجبل ، وواقفاً بين موسى وإيليا ، رآه أيضاً فى أبريل سنة 30م مصلوباً على جبل الجلجثة بين لصين !!

- كان يوحنا ، وكذلك أخوه يعقوب ، حادّىْ الطِباع ، سريعىْ الانفعال والغضب . ولقد ظهر هذا واضحاً فى موقفين :

1. فى كفر ناحوم فى صيف سنة 29م ، عندما قاد يوحنا بعضاً من التلاميذ لمنع أحد الأشخاص الذى كان يُخْرِج شياطين باسم يسوع ولكنه لم يكن من تلاميذ يسوع المعروفين " فأجاب يوحنا وقال : يا معلم ، رأينا واحداً يُخْرِج الشياطين باسمك فمنعناه ، لأنه ليس يَتْبَع معنا ... " لو 9: 49-50 !

2. وفى السامرة فى الخريف فى أكتوبر سنة 29م ، عندما طلب يوحنا من يسوع أن يسمح له بأن تنزل نار من السماء لتحرق إحدى قُرى السامرة لأنها لم تقبل استضافة يسوع " فلمَّا رأى ذلك تلميذاه يعقوب ويوحنا قالا : يا رب ، أتريد أن نقول أن تنزل نار من السماء فتُفنيهم ، كما فعل إيليا أيضاً ؟ فالتفتَ وانتهرهما وقال : لستما تعلمان من أى روح أنتما ! لأن ابن الإنسان لم يأت لِيُهلك أنفس الناس بل لِيُخَلِص ... " لو 9: 51-56 ، مر 9: 38-41 . لذلك أطلق الرب على يوحنا ويعقوب يوم اختياره لهما ليكونا رسولين له اسم " بوانرجس " أى ابنى الرعد " وجعل لسمعان اسم بطرس . ويعقوب بن زبدى ويوحنا أخا يعقوب ، وجعل لهما اسم بُوَانرجس ، أى ابنى الرعد " مر 3: 16-17 .

( ملحوظة : ولعل هذا الاسم ينفى عن يوحنا الصورة الحالمة والأنثوية الرقيقة التى يبدو عليها فى الصور الفنية ! ) .

- وفى بيرية فى مارس سنة 30م ، طالبَ ابنى زبدى وأمهما أن يشغلا أهم منصبين فى ملكوت المسيح القادم " حينئذ تقدمت إليه أم ابنى زبدى مع ابنيها وسجدت وطلبت منه شيئاً . فقال لها : ماذا تريدين ؟ قالت له : قُلْ أن يجلس ابناى هذان واحدٌ عن يمينك والآخر عن اليسار فى ملكوتك . فأجاب يسوع وقال : لستما تعلمان ما تطلبان ! " مت 20: 20-28 ، " وتقدَّم إليه يعقوب ويوحنا ابنا زبدى قائلين : يا معلم ، نريد أن تفعل لنا كل ما طلبنا . فقال لهما : ماذا تريدان أن أفعل لكما ؟ فقالا له : أعطنا أن نجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك فى مجدك ... " مر 10: 35-44 .

- إن يوحنا هو التلميذ الوحيد فى الاثنى عشر الذى قِيل عنه " التلميذ الذى كان يسوع يحبه ( ومعناها الحرفى : التلميذ الذى استمر يسوع يحبه ) " يو 13: 23 ، 19: 26 ، 20: 2 ، 21: 7 ، 20-23 . مع أن يسوع كان يحب كل تلاميذه ، خاصته ، الاثنى عشر إلى المنتهى يو 13: 1 . وهذا يعنى أيضاً أن يوحنا كان أكثر التلاميذ حُباًّ ليسوع ، وبالتالى كان أكثر فهماً لفكره .

- وفى بيت عنيا ثم فى أورشليم يوم الخميس من أسبوع الآلام فى أبريل سنة 30م وقبل الفصح أرسل الرب بطرس ويوحنا لإعداد الفصح لو 22: 8 .

- وفى العشاء الأخير كان يوحنا هو التلميذ الوحيد الذى أَسَرَّ إليه يسوع باسم الخائن " وكان مُتَّكِئاً فى حضن يسوع واحد من تلاميذه ، كان يسوع يحبه . فأومأ إليه سمعان بطرس أن يسأل : مَنْ عسى أن يكون الذى قال عنه . فاتَّكأ ذاك على صدر يسوع وقال له : يا سيد ، مَنْ هو ؟ أجاب يسوع ( فى صوت خافت ) : هو ذاك الذى أغمس أنا اللقمة وأعطيه . فغمس اللقمة ، وأعطاها ليهوذا سمعان الإسخريوطى " يو 13: 21-26 . لكن من الواضح أن يوحنا لم يَبُحْ لبطرس بهذا السِرّ بناء على طلب الرب يسوع .

- وفى بستان جثسيمانى اصطحب الرب بطرس ويعقوب ويوحنا إلى القرب منه وهو يصلى " ثم أخذ معه بطرس ، وابنى زبدى ، وابتدأ يحزن ويكتئب " مت 26: 37 ، مر 14: 33 .

- ولقد ظل يوحنا أميناً مع سيده حتى النهاية ويظهر ذلك فى عدة مواقف :

أ‌. عند القبض على يسوع ، تبعه يوحنا - وبطرس - وبينما تمكَّن يوحنا من الدخول إلى دار رئيس الكهنة ليراقب محاكمة يسوع ، لم يستطع بطرس ذلك حتى أمكن ليوحنا أن يُدخله يو 18: 15-16 .

ب‌. وكان يوحنا هو التلميذ الوحيد الذى وقف عند صليب يسوع إذ تركه الآخرون وهربوا . كما كان يوحنا هو آخر صديق تكلم الرب معه قبل موته بالجسد يو 19: 26-27 .

ت‌. وهناك عند الصليب عَهَدَ الرب إلى يوحنا برعاية أمه " وكانت واقفات عند صليب يسوع : أمُّهُ ، وأخت أمه مريم زوجة كِلوبا ، ومريم المجدلية . فلمَّا رأى يسوع أمه ، والتلميذ الذى كان يحبه واقفاً ، قال لأمه : يا امرأة : هوذا ابنك . ثم قال للتلميذ : هوذا أمك . ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته " يو 19: 25-27 .

- إن يوحنا هو أول تلميذ شاهد القبر الفارغ يو 20: 1-8 . وهو الوحيد عند بحيرة طبرية الذى استطاع التعرُّف على يسوع المُقَام ، وقال لبطرس " هو الرب " يو 21: 4-7 .

- وفى سفر أعمال الرسل نجد أن يوحنا هو الظاهر فى المشهد ، بينما يختفى يعقوب أخيه فى الخلفية . فنجد يوحنا – مع بطرس – عند شفاء الأعرج من بطن أمه أع 3: 1 ، كما أنه سُجِنَ مع بطرس 4: 3-21 ، وذهب يوحنا – مع بطرس – لتدعيم خدمة فيلبس المبشر فى السامرة 8: 14-25 .

- ثم تعرَّض يوحنا لصدمة أحزنته حين قام هيرودس أنتيباس بقطع رقبة أخيه يعقوب فى عيد الفصح أع 12: 1-2 .

- وكان يوحنا أحد أعمدة الكنيسة فى أورشليم مع يعقوب أخى الرب وبطرس " فإذ علم بالنعمة المعطاة لى يعقوب ( أخو الرب ) وصفا ( بطرس بن يونا ) ويوحنا ( بن زبدى ) المُعْتبَرون أنهم أعمدة ، أعطونى وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للأمم ، وأمَّا هم فللختان " غل 2: 9 .

- وقد نادى يوحنا بالإنجيل غالباً فى أسيا الصغرى ( تركيا حالياً ) ، لا سيما فى أفسس ، ولابد أن الكنائس السبع هناك تمتعت برعايته رؤ 1: 11 . وتم نفيه وهو فى ال 90 من عُمْره فى الاضطهاد الذى قام به دوميتيان إلى جزيرة بطمس ، وهناك كتب سفر الرؤيا ، ثم أُطلِقَ سراحه سنة 96م فرجع إلى افسس إلى أن رقد هناك .

- ولدينا فى العهد الجديد 5 أسفار منسوبة إلى يوحنا وهى : إنجيل يوحنا ( الذى لم يذكر فيه يوحنا اسمه مرة واحدة فى ال 21 أصحاحاً ، فى تواضع حقيقى . واكتفى بالإشارة إلى نفسه بعبارة " التلميذ الذى كان يسوع يحبه " ) ، و رسائل يوحنا الثلاث ، وسفر الرؤيا .

طباعة