إقرار الإيمان الأسكتلندي

الفصل الأول

الله

نعترف ونقر باله واحد أحد، وبه وحده ينبغي ان نلزم، إياه وحده يجب ان نخدم، إياه وحده يجب ان نعبد، وبه وحده يجب ان نثق. فهو أزلي، لا متناه، لا حد له، غير مدرك، كلي القدرة، غير منظور، واحد في الجوهر ولكن متمايز في ثلاثة أشخاص (أقانيم): الآب والابن والروح القدس. نعترف ونقر بأن كل الأشياء في السماء وعلى الأرض، ما يرى وما لا يرى، به خُلقت وتُحفظ في وجودها، تحكم وتوجد بعنايته الفائقة إلى غاية رسمتها حكمته الأزلية وصلاحه وعدله والى غرض إظهار مجده.

الفصل الثاني

خلق الإنسان

نعترف ونقر بأن إلهنا خلق الإنسان، أي أبانا الأول آدم، على صورته ومثاله، وأعطاه حكمة وسيادة وعدلا وإرادة حرة ووعيا للذات ولم يكن في طبيعة الإنسان الكاملة نقص. من هذا السمو والكمال سقط الرجل والمرأة كلاهما. المرأة خُدعت من الحية والرجل أطاع صوت المرأة، وتآمر كلاهما على سلطان جلال الله، الذي كان قد انذرهما بالموت بكلام واضح أنه إذا تجرأ واكلا من الشجرة المحرمة.

الفص الثالث

الخطيئة الأصلية

بهذا التعدي المسمى عامة الخطيئة الأصلية طمست صورة الله في الإنسان كليا، وصار الإنسان وأبناؤه بالطبيعة معادين لله، عبيدا للشيطان وخداما للخطيئة. وهكذا تسلط الموت الأبدي وساد على كل من لم يولد أيضا من فوق. والولادة الجديدة تحدث بقوة الروح القدس فتخلق في قلوب المختارين من الله إيمانا وثيقا بوعد الله المصرح به في كلمته. بهذا الإيمان نعتصم بالمسيح يسوع وبالنعم والبركات الموعود فيه.

الفصل الرابع

إعلان الوعد

نؤمن إيمانا راسخا ان الله، بعد تحول الإنسان المخيف والرهيب عن طاعته، نشد آدم مرة أخرى وناداه موبخا وأدانه بخطيئته، وفي الختام قطع له وعدا سارا جدا: ان نسل المرأة يسحق رأس الحية، أي انه سيدمر أعمال الشيطان. وقد رُدد هذا الوعد بوضوح اكبر من وقت لآخر، وقُبل بفرح وبثبات من كل المؤمنين من آدم إلى نوح ومن نوح إلى إبراهيم ومن إبراهيم إلى داود، وهكذا دواليك حتى تجسد يسوع المسيح. وقد رأى الكل (نعني الآباء المؤمنين تحت الشريعة) يوم المسيح يسوع البهيج وابتهجوا حقا.

الفصل الخامس

استمرارية الكنيسة ونموها وحفظها

نؤمن بالتأكيد ان الله حفظ الكنيسة وأرشدها وكثرها وكرمها وزينها ودعاها من الموت إلى الحياة في كل العصور منذ آدم حتى مجيء المسيح يسوع بالجسد. لأنه دعا إبراهيم من أرض أبيه وأرشده وضاعف نسله، وحفظه بطريقة مدهشة وأنقذ نسله بدهشة اكبر من عبودية فرعون وطغيانه، وأعطاهم شرائعه وأنظمتة وشعائره، ولهم أعطى ارض كنعان. وبعد ان زودهم بقضاة ثم بشاوول، أعطاهم داود ليكون ملكا، وله قطع وعدا بأن يقيم بعده نسله الذي يخرج من أحشائه ويثبت كرسيّ مملكته إلى الأبد. ولهذا الشعب ذاته أرسل من وقت إلى لآخر أنبياء يدعونهم إلى طريق إلههم الحق الذي ضلوا عنه أحيانا بعبادة الأوثان. ومع انه اضطر بسبب عنادهم المزدري للبر إلى ان يسلمهم لأيدي أعدائهم، كما هددهم قبلا على لسان موسى، فدمرت المدينة المقدسة وأُحرق الهيكل بالنار وأقفرت الأرض بأكملها لمدة سبعين سنة، فانه أعادهم برحمة إلى أورشليم حيث أعيد بناء المدينة والهيكل، واحتملوا كل التجارب وهجمات الشيطان إلى ان جاء المسيح بحسب الوعد.

الفصل السادس

تجسد المسيح يسوع

لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه، حكمته الأزلية، وجوهر مجده إلى العالم، الذي اتخذ الطبيعة البشرية من جوهر امرأة عذراء بواسطة الروح القدس. وهكذا ولد نسل داود البار، ملاك مشورة الله العظيمة، المسيح الموعود ذاته، الذي نقر ونعترف بأنه عمانوئيل، اله حق وإنسان حق، طبيعتان كاملتان متحدتان ومجتمعتان في شخص واحد. وهكذا فإننا اعترفنا هذا ندين بدع آيروس ومارسيون ويوتيخوس ونسطوريوس وغيرها من البدع الملعونة والمفسدة التي تنكر ألوهية المسيح أو حقيقة إنسانيته أو تخلطهما أو تفصلهما.

الفصل السابع

في وجوب كون الوسيط إلها حقا وإنسانا حقا

نقر ونعترف بأن هذا الاتحاد المدهش بين الألوهية والإنسانية في المسيح يسوع نشأ من قضاء الله الأزلي الثابت الذي منه ينبع خلاصنا وعليه يعتمد.

الفصل الثامن

الاختيار الإلهي

الإله والآب الأزلي ذاته، الذي بالنعمة وحدها اختارنا في ابنه المسيح يسوع قبل تأسيس العالم، عينه ليكون رأسنا وأخانا وراعينا وأسقف أرواحنا العظيم. ولكن، بما ان التعارض بين عدل الله وخطايانا كان عظيما لدرجة انه لا يستطيع بشر ان يبلغ الله،تعين على ابن الله ان ينزل إلينا ويتخذ لنفسه جسدا من جسدنا ولحما من لحمنا وعظما من عظامنا ليصبح الوسيط بين الله والإنسان، معطيا قوة لجميع المؤمنين به ليصيروا أبناء الله. وكما يقول لنفسه: “اصعد إلى أبي وأبيكم والهي وإلهكم”. لقد أعيد لنا في هذه الأخوة المقدسة كل ما فقدناه في آدم. لذا لا نخاف ان ندعوا الله أبانا، ليس لأنه خلقنا فقط- لأننا في هذا نشترك مع الهالكين- بل لأنه أعطانا ابنه الوحيد أخا لنا، ومنحنا نعمة لنعترف به ولنعتنقه كوسيطنا الوحيد. وأيضا قد تعين على المسيح والفادي ان يكون إلها حقا وإنسانا حقا لأنه استطاع ان يحتمل عقاب تعدينا ويقدم نفسه امام قضاء أبيه بدلا عنا ليتألم عن تعدياتنا وعصياننا، وبالموت يغلب الذي كان موجود الموت. وبما ان الألوهية وحدها لا يمكنها ان تموت والإنسانية لا تستطيع التغلب على الموت، فقد جمع الاثنين في شخص واحد، لكي يتألم ضعف الواحد ويخضع للموت الذي استحققناه وتنتصر الأخرى، أي الألوهية، في قدرتها اللامتناهية التي لا تقهر، فاقتنى لنا حياة وحرية ونصرا دائما. هكذا نعترف ويقينا نؤمن.

الفصل التاسع

موت المسيح وآلامه ودفنه

نعترف بان الرب يسوع قدم ذاته ذبيحة طوعية لأبيه من اجلنا، وعانى معارضة الخطاة، وكان “مجروحا لأجل معاصينا، مسحوقا لأجل آثامنا”، وهو حمل الله الطاهر البريء الذي أدين في حضرة قاضي ارضي كي يغفر لنا امام كرسي دينونة إلهنا، وانه لم يكابد موت الصليب القاسي، الذي كان لعنه من قضاء الله فحسب، بل عانى أيضا ولفترة غضب أبيه الذي يستحقه الخطاة. ولكن مع ذلك نؤمن بأنه بقي الابن المبارك والحبيب الوحيد لأبيه حتى في وسط كربه وعذابه الذي كابده في الجسد والنفس ليصنع كفارة كاملة لخطايا شعبة. على هذا الأساس نعترف ونصرح بأنه ليس ثمة ذبيحة أخرى للخطية، وان أكد احد ان ثمة ذبيحة أخرى للخطية فلا نتردد بالقول بأنه تجديف على موت المسيح وكفارته الأبدية التي اقتنى لنا.

الفصل العاشر

القيامة

نؤمن يقينا ان ربنا يسوع الذي صلب ومات وقبر ونزل إلى الهاوية قام أيضا من اجل تبريرنا وللقضاء على مسبب الموت، لأنه من المستحيل ان تأسر احزان الموت مبدع الحياة. وبقيامة الموتى أحي الذين خضعوا للموت وعبوديته. نعلم ان قيامته تأكدت بشهادة أعدائه وبقيامة الموتى التي “تفتحت قبورهم وخرجوا من القبور ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين”. كما انها تأكدت بشهادة ملائكته ومن خلال حواس رسله وعقولهم ومن الكثيرين الذين تحادثوا معه وأكلوا وشربوا معه بعد قيامته.

الفصل الحادي عشر

الصعود

لا نشك في ان الجسد نفسه المولود من العذراء والمصلوب والمائت والمدفون والقائم من الموت صعد إلى السماوات لإتمام كل الأشياء، حيث باسمنا ولأجل راحتنا دفع له كل سلطان في المساء وعلى الأرض، وهو يجلس عن يمين الله الآب بعد ان تسلم مملكته، وهو شفيعنا ووسيطنا الوحيد. وهو وحده من بين الأخوة سيملك المجد والإكرام والامتياز حتى يجعل أعداءه موطئا لقدميه كما نؤمن يقينا ان ذلك سيحصل في الدينونة الأخيرة. نؤمن ان الرب يسوع ذاته سيأتي أيضا بشكل ظاهر للدينونة الأخيرة كما شوهد عند صعوده. ونؤمن انه عندئذ يأتي وقت إحياء كل الأشياء وردها إلى أصلها وان كل الذين من البدء عانوا العنف والأذى والشر من اجل البر يرثون الأبدية الموعودة لهم منذ البداية. ولكن العصاة المعاندين والمضطهدين القساة والأشخاص البذيئين وعابدي الأوثان وكل غير المؤمنين على مختلف أجناسهم سيطرحون خارجا في زنزانة الظلام التام “حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ”. ان ذكرى ذلك اليوم والدينونة المزمع تنفيذها فيه لا تكبحان شهواتنا الجسدية فحسب بل تعطينا عزاء لا يقدر بان لا تهديدات أمراء العالم ولا الخوف من أخطار حاضرة أو موت يمكن ان تجعلنا ننكر أو نتخلى عن تلك الشركة المباركة التي لنا نحن الأعضاء مع الرأس، شفيعنا الوحيد المسيح يسوع، الذي نعترف ونقر بأنه المسيح الموعود ورأس كنيسته الوحيد والمشرع العادل وكاهننا العلي الأوحد والمؤيد والوسيط. ونمقت بشدة كل من يتجرأ ان يدعي لنفسه هذه الامتيازات والمناصب، ملاكا كان أم إنسانا، ونعتبره مجدفا على رئيسنا السيد الأعظم، المسيح يسوع.

الفصل الثاني عشر

الإيمان بالروح القدس

لا ينبثق إيماننا وتأكيده من لحم ودم، أي من قوة طبيعية فينا، وإنما من وحي الروح القدس، الذي نعترف بأنه الله المتساوي مع الآب والابن وهو الذي يقدسنا ويقودنا بعمله إلى كل حق، الذي بدونه نبقى أبدا أعداء لله وجاهلين ابنه، المسيح يسوع. لأننا بالطبيعة مائتون، عمي، منحرفون حتى اننا لا نحس عندما نوخز ولا نرى النور عندما يشع ولا نوافق على مشيئة الله حين تعلن الا إذا أوحي روح الرب ما هو مائت فينا وأزال الظلمة من عقولنا وأخضع قلوبنا المعاندة لطاعة مشيئته المباركة. لذا، كما نعترف ان الله الآب خلقنا حين لم نكن وان ابنه ربنا يسوع فدانا حين كنا أعداء له، كذلك نعترف ان الروح القدس يقدسنا ويجددنا دون أي استحقاق لنا قبل تجديدنا أو بعده. وبكلام أوضح: كما أننا لا ندعي أي شرف ومجد في عملية خلقنا وفدائنا، كذلك هو الامر بالنسبة لتجديدنا وتقديسنا، لأننا من أنفسنا لسنا قادرين ان نفتكر شيئا صالحا واحدا ولكن الذي بدأ عمله فينا يكملنا فيه لتسبيح نعمته التي لا نستحق ولتمجيدها.

الفصل الثالث عشر

سبب الأعمال الصالحة

نعترف بان سبب الأعمال الصالحة ليس إرادتنا الحرة ولكن روح الرب يسوع الذي يسكن في قلوبنا بالإيمان الحقيقي ويثمر أعمالا حسب ما أعد الله لنا لنسلك فيها. فإننا نؤكد بجرأة انه من التجديف القول بان المسيح يقيم في قلوب أولئك الذين ليس فيهم روح التقديس. لذلك لا نتردد في التأكيد بان القتلة والظالمين والمضطهدين القساة والزناة والفاحشين وعابدين الأوثان والسكارى واللصوص وكل فاعلي الإثم ليس لهم الإيمان ولا شيء من روح الرب يسوع طالما هم مستمرون في الشر بعناد. لأنه حين يمتلك روح الرب يسوع، الذي يستلمه أولاد الله المختارون بالإيمان، قلب أي إنسان يجدده ويصلحه فورا حتى ان ذلك الإنسان يصير يكره ما كان يحب قبلا ويحب ما كان يكره سابقا. ومن ثم تأتي المعركة المستمرة بين الجسد والروح (القدس) في أولاد الله. فالجسد- كالإنسان الطبيعي الفاسد- يتلهف لما هو ممتع وملذ له ويحسد في المحن ويتكبر في الازدهار، وهو ميال أبدا إلى إهانة جلال الله. لكن روح الله الذي يشهد لأرواحنا بأننا أبناء الله يقوينا لنقاوم المتع القذرة ويجعلنا نئن في حضرة الله من اجل الخلاص من عبودية الفساد حتى نتغلب في النهاية على الخطيئة، كيلا تسود في أجسادنا المائتة . البشر الآخرون لا يعرفون هذا النزاع لأنهم لا يملكون روح الله ولكنهم يتبعون الخطية رغبة ويطيعونها ولا يشعرون بالندم إذ يتصرفون حسب تحريض الشيطان وطبيعتهم الفاسدة. ولكن أبناء الله يحاربون الخطيئة ويتنهدون ويحزنون حين يجدون أنفسهم مجربين لفعل الشر، وإذا ما سقطوا ينهضون من جديد نادمين حقا وصدقا. يعملون هذه الأمور لا بقدرتهم ولكن بقدرة الرب يسوع وبدونه لا يستطيعون شيئا.

الفصل الرابع عشر

الأعمال المحسوبة صالحة امام الله

نعترف ونقر بان الله أعطى الإنسان شريعته المقدسة التي لا يحرم فيها كل الأعمال التي تغضب جلاله الإلهي وتسيء إليه فحسب بل يوصي أيضا بالأعمال التي تسره والتي وعد بان يكافئها. فهذه الأعمال على نوعين: النوع الأول التي تعمل  لمجد الله، والثاني هي الأعمال التي تُعمل لمنفعة القريب، وكلا النوعين مؤكدان في مشيئة الله المعلنة. النوع الأول يشتمل على الإقرار باله واحد وبعبادته وتكريمه والدعاء إليه في كل الشدائد وبتبجيل اسمه القدوس، وسماع كلمته والإيمان بها والاشتراك في سريه المقدسين. اما النوع الثاني فيشتمل على إكرام الأب والأم، والأمراء والحكام والسلطات العليا، ومحبتهم ومساندتهم وإطاعة أوامرهم إذا لم تكن مخالفة لوصايا الله، وإنقاذ حياة الأبرياء وكبح الطغيان والدفاع عن المقهورين، وحفظ أجسادنا نظيفة مقدسة والعيش في تيقظ واعتدال والتعاطي بعدل مع كل الناس في القول والفعل، واخيرا كبح الرغبة في إيذاء القريب. كل هذه الأعمال مقبولة من الله وهو يسر بها لأنه أوصى بها. كل الأفعال المنافية لها خطايا وهي لا تسره بل تغيظه، مثل عدم الدعاء له وحده وقت الضيق وعدم سمع كلمته بوقار وشجبها واحتقارها وعبادة الأوثان أو حيازتها والدفاع عن عبادتها وعدم احترام اسم الله المقدس، وتدنيس سري المسيح يسوع وإساءة استعمالهما أو شجبهما وعصيان الذين أقامهم الله في السلطة أو مقاومتهم دون ان يكونوا تخطوا حدود وظائفهم والقتل أو الموافقة عليه والحقد أو السماح بسفك دم بريء حيث نستطيع ان نمنع ذلك.

الخلاصة: نعترف ونؤكد على ان خرق أية وصية أخرى من النوع الأول أو الثاني هو خطيئة، والخطيئة تثير استياء الله وغضبه على العالم المتغطرس العقوق. لذلك نؤكد ان الأعمال الصالحة هي وحدها التي تُصنع بالإيمان وإطاعة لوصية الله الذي بين لنا في شريعته الأمور التي يسر بها. ونؤكد بان الأعمال الشريرة ليست تلك التي تعمل صراحة ضد وصايا الله فقط، بل أيضا في الأمور الدنيوية وعبادة الله، الأمور التي لا اجازة لها الا رأي الإنسان وابتكاره. فقد رفض الله هذه الأمور منذ البدء، كما نتعلم من كلمات النبي اشعياء ومعلمنا المسيح يسوع: “باطلا يعبدونني وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس”.

الفصل الخامس عشر

كمال الشريعة ونقص الإنسان

نعترف ونقر بان شريعة الله هي منتهى العدل والإنصاف والقداسة والكمال، وهي توصي بأمور ان عُلمت تماما تقدر ان تمنح الحياة وتوصل الإنسان للسعادة الأبدية. لكن طبيعتنا فاسدة وضعيفة وناقصة لدرجة انه يستحيل علينا ان نتمم أعمال الشريعة. وحتى بعد الولادة الجديدة ان قلنا انه ليس لنا خطيئة نضل أنفسنا وليس حق الله فينا. لذلك من الضروري ان نتمسك بالمسيح يسوع في بره وكفارته لأنه هو غاية الشريعة وكمالها ولأننا به نُحرر حتى لا تقع لعنة الله علينا، وان لم نتمم الشريعة في أكملها. فالله الآب يرانا في جسد ابنه المسيح يسوع ويقبل طاعتنا الناقصة حاسبا إياها كاملة ويستر ببر ابنه أعمالنا الملطخة. هذا لا يعني بأننا تحررنا بحيث اننا لا ندين بالطاعة للشريعة- إذ سبق وأقررنا بمكانتها- ولكننا نؤكد انه ليس إنسان على الأرض ما عدا المسيح يسوع قد أطاع- أو يطيع أو سيطيع- الشريعة فعلا بالطاعة التي تتطلبها. بعد ان نعمل كل الأشياء علينا ان نخر ساجدين ونعترف صادقين بأننا عبيد بطالون. لذلك فكل من يفاخر بجدارة أعماله أو يضع ثقته في نوافل الأعمال انما يفاخر بما لا وجود له ويضع ثقته في أوثان لعينة.

الفصل السادس عشر

الكنيسة

وكما نؤمن باله واحد آب وابن وروح قدس كذلك نؤمن بثبات انه منذ البدء كانت هي الآن وستكون حتى نهاية العالم كنيسة واحدة وشركة واحدة وجماعة بشر مختارين من الله، الذين يعبدونه بالحق ويضمونه بالإيمان الصحيح في المسيح يسوع، رأس الكنيسة، التي هي جسد المسيح يسوع وعروسه. هذه الكنيسة جامعة لأنها تحتوي المختارين من كل العصور والممالك والأمم ومن كل لسان، يهودا كانوا أو أممين، الذين لهم شركة مع الله الآب ومع ابنه المسيح يسوع بواسطة تقديس الروح القدس. لذلك تسمى شركة لا أشخاصا دنيويين بل قديسين، مواطنين في أورشليم السماوية ولهم ثمار لا تحصى منافعها: اله واحد ورب واحد يسوع وإيمان واحد ومعمودية واحدة. خارج هذه الكنيسة لا حياة ولا سعادة أبدية. لذلك نمقت تماما تجديف القائلين بأن الإنسان العائش حسب الإنصاف والعدل سيخلص مهما كان اعترافه الديني. فبما انه لا حياة ولا خلاص بدون المسيح يسوع، كذلك لا حصة لأحد فيه الا للذين أعطاهم الآب لابنه المسيح يسوع والذين يأتون إليه ويقرون بتعاليمه ويؤمنون به (نشمل الأولاد مع الأهل المؤمنين). وهذه الكنيسة غير منظورة، معلومة لدى الله فقط، الذي وحده يعلم من اختار، وهي تشمل أيضا المختارين الراحلين، الكنيسة المنتصرة، والذين مازالوا أحياء يحاربون الخطيئة والشيطان،. وأيضا الذين سيحيون فيما بعد.

الفصل السابع عشر

خلود الأنفس

المختارون الراحلون راقدون في سلام ومرتاحون من أعمالهم، ليس لأنهم نائمون ومنسيون كما يدعي بعض المتطرفين، بل لأنهم قد تحرروا من كل خوف ووجع ومن كل التجارب التي يتعرض لها مختاروا الله في هذه الحياة التي بسببها نسمى نحن الكنيسة المجاهدة. ولكن الهالكين وغير المؤمنين يعانون كربا وعذابا وآلاما لا توصف. لا هؤلاء ولا أولئك في رقاد بحيث أنهم لا يشعرون بالفرح أو العذاب، بل كما ورد في مثل المسيح في لوقا 16، وفي كلام السيد للص (على الصليب)، وفي كلمات النفوس الصارخة من تحت المذبح: “حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض”[5].

الفصل الثامن عشر

علامات تمييز الكنيسة الحقة من الباطلة وما هو مرجع التعليم

بما ان الشيطان قد عمل منذ البدء ليضفي على مجمعه الموبوء اسم كنيسة الله، وحرض المجرمين القساة ليضطهدوا ويزعجوا ويضايقوا الكنيسة الحقة وأعضاءها كما فعل قايين بهابيل، وعيسو بيعقوب وكل كهنوت اليهود بالمسيح يسوع ويرسله من بعده، لذا فانه من الضروري ان تُميز الكنيسة الحقة عن المجامع الدنسة بعلامات واضحة وكاملة حتى لا نُخدع ونخلط بين الاثنتين فنجلب دينونة علينا. ان العلامات والسمات والأمارات الأكيدة التي بها تميز عروس المسيح الطاهرة عن الزانية الرهيبة والكنيسة الباطلة ليست الأقدمية ولا اللقب المغتصب ولا التسلسل الوراثي ولا مكانا معينا ولا عدد البشر الموافقين على الخطأ، لأن قايين كان قبل هابيل وشيت زمنا ولقبا، وأورشليم تقدمت على كل أماكن الأرض فكان فيها كهنة منحدرون من هارون وقد تبع الكتبة والفريسيين والكهنة عدد أكبر من الذين تبعوا مخلصين المسيح يسوع وتعليمه. ولكن لا نظن بأن ثمة إنسانا عاقلا يعتبر ان احد الأمور المذكورة كانت كنيسة الله. لذلك فاننا نؤمن ونعترف ونؤكد ان علامات الكنيسة الحقة هي أولا، التبشير الحقيقي بكلمة الله التي كشف الله ذاته بها لنا كما تعلن كتب الأنبياء والرسل، ثانيا، الإجراء الصحيح لأسرار المسيح يسوع والذي يجب ان يُرافق بكلمة الله وبوعده ختما لهما في قلوبنا وتأكيدا عليهما. وأخيرا، قواعد الانضباط الكنيسة المعمول بها باستقامة كما تقضي كلمة الله بحيث تقمع الرذيلة وتغذي الفضيلة. حيثما ترى هذه العلامات وتستمر لفترة، سواء أكان عددها كاملا أم لم يكن، فهناك بلا شك كنيسة المسيح وهو في وسطه كما وعد. ليست هذه هي الكنيسة الجامعة التي تحدثنا عنها آنفا بل هي كنائس محلية كما كانت في كورنثوس وغلاطية وافسس وغيرها من الأماكن التي أنشا بولس خدمة فيها وسماها هو كنائس الله. هذه هي الكنائس التي نقول نحن سكان مملكة اسكتلندا المعترفون بالمسيح يسوع انها لدينا في مدننا وقرانا ومقاطعاتنا  المصلحة وذلك بسبب التعليم في كنائسنا المتضمن في كلمة الله المكتوبة، أي العهد القديم والجديد- في الكتب المعتبرة قانونية أصلا. نؤكد بان هذه الكتب تعبر تعبيرا واضحا عن كل ما هو ضروري للإيمان من اجل خلاص الإنسان. فمسألة تفسير الكتاب المقدس ليست شأن فرد خاص أو إنسان مسؤول، ولا شان كنيسة بسبب أسبقية أو مكانة لها فوق غيرها- سواء أكانت مكانة شخصية أم جغرافية- وإنما تفسير الكتاب يخص روح الله الذي به كتب. وحين ينشأ خلاف حول الفهم الصحيح لأحد مقاطع الكتاب أو أعداده أو حول إصلاح مساوئ في كنيسة الله يجب الا نسأل ماذا قال أو فعل البشر سابقا بقدر ما يجب ان نسعى لفهم ما يتكلم به الروح القدس بانتظام في كل الكتاب وما فعله يسوع وأمر به. لأن الجميع متفقون ان روح الله، روح الوحدة، لا يقدر ان يناقض نفسه. فإذا خالف تفسير ما أو رأى لاهوتي أو كنيسة أو مجمع كلمة الله الجلية المدونة في أي مقطع من الكتاب فمن الأكيد انه ليس الفهم الصحيح ولا المعنى الحقيقي للروح القدس وان وافقت عليه وأقرته مجامع وممالك وأمم. لا نجرؤ ان نقبل أو نقر بأي تفسير يتعارض مع مبدأ إيماننا الأساسي أو مع أي نص كتابي صريح أو مع قاعدة المحبة.

الفصل التاسع عشر

سلطة الكتاب المقدس

وكما نؤمن ونعترف بان كتاب الله كاف لتعليم رجل الله وجعله كاملا، كذلك نؤكد ونصرح بأن سلطة الكتاب هي من الله ولا تعتمد على بشر أو ملائكة. لذا فاننا نؤكد ان القائلين بان لا سلطة للكتاب الا تلك المعطاة له من الكنيسة مجدفون على الله ومضرون للكنيسة الحقة التي تسمع صوت قرينها وتطيع راعيها دوما، ولكنها لا تدعي بأنها سيدة فوق صوت سيدها.

الفصل العشرون

في المجامع العامة وسلطتها وسبب دعوتها

وان كنا لا ندين بتسرع ما قد وضعه لنا أُناس صالحون في مجامع عامة وقانونية فاننا لا نقبل دون تمييز كل ما أُعلن للبشر باسم المجامع العامة، لأنه من الواضح ان بعض المجامع، بما انها مجامع بشر، قد أخطأت في أمور مهمة وذات شأن. لذا فنحن نقبل ونعتنق قرارات المجمع بقدر ما يثبتها المجمع بكلمة الله الصريحة. ولكن ان قام بعضهم مدعين تحت ستار مجمع صياغة بنود إيمان جديدة أو قرارات منافية لكلمة الله، فيجب ان نرفضها تماما ونعتبرها تعاليم شيطانية تبعد نفوسنا عن صوت الإله الواحد لإتباع عقائد وتعاليم بشرية. ان سبب انعقاد المجامع العامة لم يكن لسن قوانين جديدة دائمة لم يسنها الله قبلا ولا لإضافة بنود جديدة على إيماننا ولا لإضفاء السلطة على كلمة الله أو لجعلها كلمته أو تفسيرها تفسيرا صحيحا لم يكن قبلا موجودا في كلمته وبإرادته المقدسة، بل ان سبب انعقاد المجامع- على الأقل التي منها تستحق هذا الاسم- كان لدحض الهرطقات من جهة وللاعتراف العلني بالإيمان للأجيال اللاحقة، وقد فعلت ذلك بسلطة كلمة الله المدونة، لا بالرأي أو الامتياز القائل بالعصمة بسبب عددهم. هذا ما نعتبره السبب الأولي لانعقاد المجامع. اما السبب الثاني فكان لتثبيت النظام والإدارة الحسنة وتأكيد احترامها في الكنيسة حيث يلائم، كما في بيت الله، ان تعمل كل الأشياء “بلياقة وبحسب ترتيب”[6]. هذا مع العلم بأننا لا نعتقد بأنه يمكن تحديد نظام ما أو ترتيب طقوس معينة لكل العصور والأزمنة والأمكنة. فان الطقوس والشعائر التي يبتكرها الإنسان زمنية وزائلة لذا يجوز، بل يجب، تغييرها عندما تعزز الأوهام في الكنيسة بدل ان تقوم في بنائها.

الفصل الواحد والعشرون

الأسرار

كما انه كان للآباء الخاضعين للشريعة، فضلا عن الذبائح، سران أساسيان، أي الختان والفصح، وان من رفضهما لم يحسب من شعب الله، كذلك نحن نقر ونعترف بأنه لدينا في زمن الإنجيل سران أساسيان فقط أنشاهما الرب يسوع وفرضا لاستعمال جميع الذين يحسبون أعضاء في جسده: نعني المعمودية والعشاء أو مائدة الرب يسوع المسماة أيضا شركة جسده ودمه. لقد انشأ الله هذين السرين في العهد القديم والجديد ليس لوضع تمييز ظاهر بين شعبه والذين كانوا خارج العهد فحسب بل أيضا لتدريب إيمان أولاده، ولختم تأكيد وعده في قلوبهم بالاشتراك في هذين السرين، وتثبيت ارتباطهم واتحادهم وشركتهم المباركة التي ينعم بها المختارون مع رأسهم. المسيح يسوع. لذا فاننا ندين بشدة التأكيد الباطل لبعضهم بأن الأسرار هي رموز فقط لا غير. ليست الأسرار رموزا فحسب. اننا نؤمن إيمانا أكيدا بأننا في المعمودية نُطعم في المسيح يسوع لنصير شركاء بره، الذي به سترت خطايانا وغفرت. وأيضا نؤمن بأن في العشاء المقام بطريقة صحيحة يتحد المسيح يسوع بنا فيصبح حقا غذاء وطعاما لنفوسنا. ولا نتخيل في ذلك استحالة الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه الطبيعيين، كما يعلم الرومانيون [7] وكما يؤمنون خطأ. وإنما هذا الاتحاد والارتباط مع جسد المسيح يسوع ودمه الذي نحصل عليه في الاستعمال الصحيح للأسرار يحدث بواسطة الروح القدس الذي بالإيمان الحق يحملنا فوق كل الأشياء المرئية والجسدية الأرضية ويغذينا بجسد المسيح يسوع ودمه الذي كسر وسفك مرة من اجلنا، ولكنه الآن في السماء يشفع لنا لدى الآب. وعلى الرغم من البعد بين جسده الممجد في السماء وبيننا نحن البشر الزائلين، فانه يجب ان نؤمن يقينا بان الخبز الذي نكسره هو شركة جسد المسيح والكأس الذي نبارك شركة دمه، لذا نعترف ونؤمن بلا شك بان المؤمنين عند ممارستهم الصحيحة لمائدة الرب يأكلون جسد الرب يسوع ويشربون دمه بحيث يثبت فيهم وهم فيه. يصيرون لحما من لحمه وعظما من عظمه، حتى انه كما منح الله الأزلي السرمدي جسد المسيح يسوع حياة وخلودا بعد ان كان بالطبيعة فاسدا وفانيا، كذلك يمنحنا مأكل جسد المسيح يسوع ومشرب دمه. ونسلم بان ذلك لا يُعطى لنا في تلك اللحظة فقط ولا يُعطى بقوة الأسرار وحدها، بل نؤكد بان المؤمنين في ممارستهم الصحيحة لمائدة الرب يتحدون بالمسيح يسوع بشكل لا يفقهه الإنسان الطبيعي. وأيضا نؤكد بأنه على الرغم من عدم استفادة المؤمنين كما يجب في وقت الممارسة ذاتها وذلك بسبب إهمالهم وضعفاتهم فان هذا السر يثمر لاحقا لأنه بذر حي مزروع في تربة جيدة. فالروح القدس الذي لا يمكن فصله عما انشأ الرب يسوع لن يحرم المؤمن ثمرة ذلك الفعل السري. لكننا نعود ونكرر بان كل هذا يأتي من الإيمان الحق الذي يدرك المسيح يسوع، وهو وحده يجعل السر فعالا فينا. لذلك، فان كل من يفتري علينا قائلا أننا نؤمن ان الأسرار هي مجرد رموز فقط لا غير يكون كلامه تجريحا ومناقصا للحقائق الصريحة. لكننا نقر صراحة بأننا نميز بين المسيح يسوع في جوهره الأبدي وعناصر الرموز في هذا السر، فلا نعبد العناصر عوضا عما ترمز إليه ولا نستخف بها أو نقلل من أهميتها بل نستعملها باحترام كبير فاحصين أنفسنا بكل عناية قبل الاشتراك، لأن الرسول أكد لنا قائلا: “أي من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرما في جسد الرب ودمه”.[8]

الفصل الثاني والعشرون

الإجراء الصحيح للأسرار

هناك شيئان ضروريان للإجراء الصحيح للأسرار. الأول، ان تمنح من خدام شرعيين، ونصرح بان هؤلاء معينون للتبشير بالكلمة وقد أعطاهم الله القدرة على الكرازة بالإنجيل، ويجب ان يكونوا مدعوين رسميا من قبل كنيسة ما. اما الثاني، ان تمنح بالعناصر وفي الطريقة التي رسمها الله، وإلا فليست أسرار المسيح. لهذه الأسباب نقلع عن تعليم الكنيسة الرومانية ونقاطع أسرارها، أولا، لأن خدامها ليسوا خداما حقيقيين للمسيح يسوع (فهم يسمحون حتى للنساء بأن يعمدن والروح القدس لا يسمح لهن بالوعظ في الاجتماع). ثانيا، لأنهم افسدوا السرين بالزيادات التي أضافوها إليها لدرجة انه لم يبقى شيء من فعل المسيح الأصيل في بساطته الأصلية. فان إضافة الزيت والملح والبصاق وأمثالها في المعمودية هي إلحاقات بشرية. اما عبادة السر أو تكريمه وحمله عبر الشوارع والقرى في زياحات أو الاحتفاظ به في علبة خاصة فليس هذا هو الاستعمال الصحيح لسر المسيح بل انه سوء استعمال له. قال المسيح يسوع: “خذوا كلوا” و”اصنعوا هذا لذكري”. بهذه الكلمات والوصايا قدّس الخبز والخمر ليكونا سر جسده ودمه المقدسين ولكي يؤكل الأول ويشرب الجميع من الآخر، وليس كي يحفظا للعبادة والتكريم كإله، كما يفعل الرومانيون. فهم في امتناعهم عن إعطاء الكأس للشعب ينتهكون حرمة المقدسات. ومن الضروري أيضا لحسن استعمال الأسرار ان يفهم المشتركون- لا الخادم وحده- غايتها وهدفها. فإذا لم يع المشتركون ماذا يحصل لا يكون السر قد اجري بطريقة صحيحة، كما يُرى في ذبائح العهد القديم. كذلك الامر بالنسبة للمعلم الذي يعلم تعاليم مكروها من الله، وان كانت الأسرار من رسمه فإنها لا تستعمل بطريقة صحيحة لأن أنسانا أشرارا قد استعملوها لغير قصد الله. نؤكد بأن هذا ما حصل للأسرار في الكنيسة الرومانية، إذ نجد هناك فعل الرب يسوع قد زيف بالشكل والهدف والمعنى. ان ما فعله المسيح يسوع وما أوصى بان يُصنع واضح من الأناجيل ومن أقوال القديس بولس. اما ما يفعله الكاهن على المذبح فلا حاجة لنا بسرده. هدف إقامة المسيح للسر وغايته التي من اجلها يجب استعماله معلن في الكلمات: “اصنعوا هذا لذكري” و”كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذا الكأس تخبرون”- أي تمجدون وتبشرون وتعظمون وتسبحون “بموت الرب إلى ان يجيء”[9] . اما كلمات القداس وتعاليم معلميه فدعوها تشهد ما هو هدفه ومعناه. فهي تعتبر ان الكهنة كوسطاء بين المسيح والكنيسة يقدمون ذبيحة استرضاء وتكفير لأجل خطايا الأحياء والأموات. هذا التعليم يجدف على المسيح ويحرم الذبيحة الوحيدة الفريدة المقدمة على الصليب لأجل تطهير المقدسين من كفايتها، لذا فنحن نستنكر هذا التعليم ونرفضه.

الفصل الثالث والعشرون

لمن تمنح الأسرار

نؤمن بان المعمودية تصح لأولاد المؤمنين كما تصح للكبار والراشدين، لذا فإننا ندين خطأ القائلين بتجديد العماد Anabaptists، الذين يرفضون تعميد الأطفال قبل حصولهم على الإيمان والإدراك. ولكننا نعتبر ان العشاء الرباني هو لأهل الإيمان فقط الذين باستطاعتهم ان يفحصوا ذواتهم في إيمانهم وواجباتهم تجاه القريب. فالذين يأكلون ويشربون حول المائدة المقدسة بدون إيمان أو سلام ونية حسنة تجاه إخوتهم يأكلون بدون استحقاق. لذلك يفحص خدام كنيستنا جميع المزمعين التقدم إلى مائدة الرب فحصا علنيا وفرديا.

الفصل الرابع والعشرون

في الحاكم المدني

نعترف ونقر بأن الإمبراطوريات والممالك والإمارات والمدن معينة من الله. كل السلطات والقوات فيها، الأباطرة في الإمبراطوريات والملوك في ممالكهم والأمراء في إماراتهم والحكام في مدنهم هم من ترتيب مشيئة الله المقدسة من أجل إظهار مجده وخير البشر ومصالحهم.

نعتقد ان جميع الذين يتآمرون للتمرد على الحاكم المقام أو لإسقاطه ليسوا أعداء البشر فحسب بل متمردين أيضا على إرادة الله. وأيضا نعترف ونقر بان يجب محبة ذوي السلطة وإكرامهم ومخافتهم واحترامهم احتراما كبيرا لأنهم يقومون مقام الله، والله ذاته يقضي في مجالسهم. فهم القضاة والأمراء الذين أعطاهم الله السيف لمدح اهل الخير والدفاع عنهم وللاقتصاص من اهل الشر. ونعتبر أيضا ان المحافظة على الإيمان وطهارته هي من الواجبات الخاصة على الملوك والأمراء والحكام والقضاة. فقد عينوا ليس من اجل الحكم المدني فقط بل أيضا للمحافظة على الدين الحق ولوضع حد للوثنية والأوهام. هكذا نرى مثالا في داود ويوشافاط وحزقيا ويوشيا وغيرهم من المعروفين في غيرتهم من اجل القضية. لذلك نعترف ونقر بان الذين يقاومون السلطات العليا التي تقوم بالموكل إليها في نطاق عملها انما يقاومون ترتيب الله ولا يمكن ان يُعتبروا بلا ذنب. وأيضا نصرح بأنه طالما ان الأمراء والحكام يمارسون وظيفتهم بتيقظ فان كل من يرفض مساعدتهم ونصحهم وخدمتهم انما يرفضها كما لو كانت من الله الذي يطلبها بواسطة نوابه.

الفصل الخامس والعشرون

الهبات المجانية للكنيسة

مع ان العلامات الأكيدة والثابتة للكنيسة الحقة هي التبشير الحق بكلمة الله والإجراء الصحيح للأسرار والتطبيق لقواعد السلوك حسب كلمة الله فانه ليس كل إنسان في تلك الجماعة عضوا مختارا في المسيح يسوع. نقر ونعترف ان بين الحنطة قد نبت زوان كثير وينمو في وسطها، وان الهالكين قد يكونون في جماعة المختارين وقد يشاركون خارجيا بمنافع الكلمة والأسرار. ولكن بما انهم يعترفون بالله لوقت قصير بأفواههم وليس بقلوبهم سيسقطون ولن يستمروا حتى المنتهى. لذلك فلا يشتركون بثمار موت المسيح وقيامته وصعوده. ولكن الذين يؤمنون في قلوبهم صدقا ويعترفون بلسانهم جهرا بالرب يسوع سيخلصون على هذه الهبات. أولا، في هذه الحياة بحيث لهم غفران الخطايا بواسطة دم المسيح وحده. وان بقيت الخطيئة في أجسادنا الفانية لكنها لن تحسب علينا بل تغفر لنا وتستر ببر المسيح. وثانيا، يُعطى كل رجل وامرأة في الدينونة العامة قيامة الجسد. وتسلم البحار الأموات الذين فيها والأرض المدفونين فيها. حقا، يبسط إلهنا الأزلي السرمدي يده على التراب فيقوم الأموات بلا فساد في الأجساد التي لهم الآن لينالوا مجدا أو عقابا بحسب أعمالهم. فالذين يتنعمون الآن في الباطل أو القساوة أو القذارة أو الخرافات أو الوثنية يدانون إلى النار التي لا نطفأ حيث يتعذب في الجسد والروح إلى الأبد الذين يخدمون الآن الشيطان في الأمور البغيضة. واما الذين يستمرون في الصلاح حتى المنتهى معترفين بالرب يسوع ينالون مجدا وإكراما وخلودا ليملكوا إلى الأبد في حياة تدوم مع المسيح يسوع، وتماثل أجسادهم جسده الممجد حين يظهر أيضا في دينونة ويسلم الملك لله الآب ويكون الله الكل في الكل، إلها مباركا إلى الأبد.

قم يا رب وليتبدد أعداؤك وليهرب مبغضوك من امام وجهك. أعط خدامك قوة لينطقوا بكلمتك بجرأة ولتتمسك كل الأمم بمعرفتك الحقة. آمين.


طباعة