مسيحيو المشرق والصراع العربي الإسرائيلي

الصراع العربي الإسرائيلي هو صراع قديم ومزمن وبين الحين والآخر يتجدد العنف ويسقط جرحى وقتلى على الجانبين ولعل تديين القضية من كافة الأطراف هو أحد أهم أسباب زيادة حدة الصراع وتفاقمه فدعاة الحركة الصهيونيّة ومعهم الأصوليين المسيحيين الحرفيين الداعمين للصهيونية يرتكزون على نصوص توراتية ونبوات تحققت منذ زمن ويعيدون تفسيرها على اعتبار أنها لم تتحقق بعد ومن ثم يسعون اليوم لامتلاك الأرض من النيل للفرات وعلى الجانب الآخر يرى الجهاديون المسلمون أن اليهود هم أحفاد القردة والخنازير وأن مكانهم الذي يجب أن يكونوا فيه هو طرحهم في البحر. ومن المؤسف أن كل أصولية من هذه الأصوليات الثلاث تتوهم أنها تمتلك الحقيقة الوحيدة المطلقة وأنها على الصواب المطلق دون غيرها ومن ثم يحدث صراع بين هذه الأصوليات وهذا الصراع لا يمكن أن يتحقق معه بأي حال من الأحوال سلام العالم كما   أن تصدر الأصوليين للمشهد مثل حركة حماس -حركة المقاومة الإسلامية- يجعل القضية تخسر كثيرًا ويقل التعاطف معها.

ففلسطين هي قضية المسيحيين كما أنّها قضية المسلمين فهناك الكثير من المقدسات المسيحيّة التي تخص المسيحيين مثل قبر المسيح وكنيسة القيامة وغيرها ومن هنا فحل الصراع ينبغي أن يكون من منظور حقوق الإنسان وليس من منظور ديني ومن المحتم أن يقبل الجميع بالعيش المشترك الذي يضمن حقوق الجميع وهذا لن يحدث إلا بإعادة تفسير النصوص الدينية التي تخص القضية وتأويلها لصالح العيش المشترك بين الإسرائيليين والفلسطينيين

ولأنّ القضية الفلسطينية هي قضية المسيحيين كما المسلمين فقد أدان مجلس كنائس الشرق الأوسط ما يحدث من خلال بيان أصدره الأمين العام للمجلس دكتور ميشال عبس قال فيه: "إن أحداث العنف المندلعة في فلسطين المحتلّة والتي ما زالت تزداد حدّة يوميًّا ليست إلّا نتيجة حتميّة للضغط والقهر الذي مارسته وتمارسه القوى المحتلة لأرض فلسطين منذ أكثر من سبعة عقود.

وأضاف البيان "إننا في مجلس كنائس الشرق الأوسط نؤكّد على موقفنا الأساس الذي لم يتغيّر والذي يعتبر أنّ رفع الاحتلال عن الشعب الفلسطينيّ وتمتّعه بحرّيته وكرامته وحقوقه كاملة هي السُبُل التي تقود إلى الاستقرار والسِلم الدائمين في المنطقة.

إنّ العنف لا يوّلد إلّا العنف والكراهيّة لا توّلد إلّا البَغضَاء، والتميّيز العنصري لا يوّلد إلّا الثورة، والتطرّف لا يوّلد إلّا التطرّف، والحرمان لا يوّلد إلّا الانتفاض والسبيل الوحيد للخروج من هذه الدوامة المدمّرة يكمن في إعطاء كلُّ ذي حقٍّ حقّه، عبر الاعتراف بحقوق المظلومين أولًا، وثانيًا عبر نقل هذا الاعتراف إلى حيِّز التنفيذ دون تسويف ولا مواربة".

وختم المجلس بيانه "لذلك نطالب، وبشكل حثيث، مراجع القرار في العالم وكل القوى المعنيّة التدخّل السريع والدؤوب من أجل إحقاق الحقّ ورفع الجور عن هذا الشعب الذي لم يبق غيره تحت الاحتلال في القرن الواحد والعشرين وفي زمن حقوق الإنسان، والذي له الحقّ أن يحيا حياة كريمة، آمنة ومزدهرة أسوة بشعوب المعمورة!".

كما أصدرت الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة بيانًا، أعلنت برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عن رفضها واستنكارها للأحداث التي تجرى حاليًا في القدس وقطاع غزة من اعتداءات غاشمة تزهق أرواح بريئة وتلحق الأذى بالنساء والأطفال دون عائد أو طائل سوى القتل والدمار. وقد دعت الكنيسة جميع الأطراف إلى الاحتكام إلى العقل واللجوء إلى لغة الحوار والتفاوض حقنا للدماء. كما أشادت الكنيسة بالدور المحوري للدولة المصرية في دعم الأشقاء الفلسطينيين بفتح المستشفيات المصرية لعلاج المصابين من قطاع غزة، بالإضافة إلى الجهود السياسية المصرية للتهدئة بين طرفي النزاع للوصول إلى حل سياسي يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني ويحقق السلام المنشود.

كما أعربت الطائفة الإنجيلية بمصر، وعلى رأسها الدكتور القس أندريه زكي، عن إدانتها لكل أشكال العنف على الأراضي الفلسطينية، من اعتداء على مدنيين أو تهجير قسري للمواطنين.

وأضافت في بيان: «نقف بصلابة خلف موقف الدولة المصرية الأصيل المساند لحقوق الشعب الفلسطيني، الذي يستند إلى صوت العقل والحكمة في التعامل مع كل الأطراف».

وتابع البيان: «نصلي من أجل أن يُحل اللهُ السلامَ والطمأنينة والهدوء بكل الأراضي الفلسطينية والعالم».

القس رفعت فكري سعيد

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


طباعة