التأمل اليومي: الروح القدس والحياة في المسيح

"فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ" (غلاطية 2: 20)

إن ثاني زاوية في أمر مشابهة المسيح من نحو التعامل مع الذات، هي ما يحدث عندما نجد مكرسين ودارسين ووعّاظ متعمقين في الكلمة وفي الخدمة، لكن ضعفت روحهم للحظات، فسيطرت الذات مرة أخرى. فيتكلمون من كلمة الله، لكن بمنطق امتلاك البر الذاتي. فتاريخ خدمتهم (بغض النظر عن ماضيهم قبل الإيمان) يحكي عن نهضات وأعمال كرازية أو ربما رعوية، داخل وخارج الكنائس، وهذا بالنسبة للذات أمرٌ كافٍ لسيطرتها مرة أخرى. ما يخرج من أفواههم كلمة الله لكن ما يدخل إلى قلوب الناس إدانة لهم. يظن هؤلاء أنهم لا يزالوا يعطون، لكنهم في الحقيقة يأخذون. يأخذون الشعور بالصواب، الشعور بالفوقية والأفضلية. لكنهم للأسف لا يدركون مقدار الإدانة التي يسلّطونها على الناس. ألم يفعل الفريسيون ذلك في القديم؟ سلّطوا برَّهم الذاتي على رقاب الشعب فارتفعوا هم وضل الشعب عن طريق الرب.

وتظل الموعظة على الجبل سبيل النجاة لأبناء الملكوت. ويخاطبنا يسوع في الفقرات الأخيرة من إنجيل متى أصحاح 5 عن الفرق في الدوافع بين تفسير أصحاب البر الذاتي وبين تعاليمه وقصد الله الحقيقي من الوصية. ستة أمثلة صارخة في وجه كل ذات، في وجه كل تكبّر أُصيبت به من جراء سنين الخدمة والتكريس السابقة.

أدان الفريسيون الشعب، أما المسيح فبكّت الجميع. وهذا ما يفعله الروح القدس فينا، مستخدمًا قادة بحسب قلبه. التبكيت دعوة للابتعاد عن طرق الشر والرجوع لطرق الرب. أما الإدانة فهي محاولة فاشلة لاغتصاب السلطة الإلهية في الدينونة. فالله لم يعطِ تصريحًا لأي إنسان أن يدين غيره. وأبناء الملكوت لا يستخدمون تصريحًا لم يمنحه الله لهم أبدًا.

لتكن تلك الكلمات دافعًا لمراجعة أنفسنا ودوافعنا. امنحنا يا رب نورًا داخليًا، فنبصر طرق الشر التي في داخلنا وهي مختبئة في رداء البر والتقوى.


طباعة