تشكيل أول مجمع مشيخى:  

تم تشكيل أول مجمع للكنيسة المشيخية بمصر فى 13 أبريل 1860 بعدما بلغ عدد أعضاء الكنيسة سبعة أعضاء من بينهم سيدة من أصل سورى هى " وردة بركات" وضم المجمع ثلاثة قسوس هم: ماكيج، بارنيت، لا نسنج، وانضم لهم فى نفس السنة القس يوحنا هوج الذى قرر المجمع فى جلسته التى عقدت بالاسكندرية فى 23 مايو 1860 رسامته قسا كارزا، وبذلك صار أول قسيس يرسمه المجمع المصرى.

    ونظراً لأهمية القس هوج فى تاريخ الكنيسة الإنجيلية يجدر بنا هنا أن نذكر سيرته فى ايجاز:[1]

     ولد فى اسكتلندا من أبوين تقيين سنة 1833 وكان والده يدعى "يوحنا هوج" وقد سمى  ابنه باسمه، أما والدته فتدعى " مارى ريتشارد سن"، وكان يتردد مع أسرته التى تضم والديه وسبعة اخوة على الكنيسة المشيخية فى ترانيت( على بعد 3 أميال من قريتهم) وقد قبل فى عضوية الكنيسة مع شقيقه جورج فى أوائل سنة 1848.

     التحق بجامعة أدنبرة فى نوفمبر 1849 حيث درس الجيولوجيا والهندسة- كما درس العلوم اللاهوتية وانتهى من ذلك سنة 1859 ودرس أيضاً اللغتين العربية والإيطالية.

     وكان مجمع أدنبرة قد صرح له بالخدمة الدينية أثناء دراسته وعينه بمصر، وصل الى الاسكندرية فى 6/ 12/ 1856 حيث استقبله فى الميناء كاهن مارونى من طرف المرسل الاسكتلندى الدكتور هرمان فيليب.

     افتتح بعد قرابة أسبوع من وصوله وبالتحديد فى 15 ديسمبر مدرسة وذلك فى حجرة مظلمة ورطبه بالدور الأرضى بمنزل القس هرمان والتحق بها فى البداية 16 تلميذا فى 6 شهور، وفى الوقت الذى كان يدير فيه المدرسة كان يتابع دراسة اللغتين العربية والايطالية.                   وفى خلال أشهر قليلة أصبح قادراً على التحدث باللغة العربية. وفى سنة 1857 نقلت هذه المدرسة الى مكان آخر بالمدينة، وفى نفس السنة غادر الدكتور فيليب الاسكندرية متجها الى مالطه لقضاء الصيف ثم عاد للأسكندرية وقضى بها فترة قصيرة ثم عاد لبلاده، وتبعه زميله القس الدكتور جرانت براون، ومن ثم أصبح القس هوج وحده مسئوولاً عن المدرسة والنواحى الادارية للارسالية الاسكتنلندية التى سلمت أعمالها فى الاسكندرية للكنيسة المشيخية وعين القس هوج فى يناير 1861 أمينا لصندوق الارسالية الى جانب قيامه بالأعمال الادارية..[2]

نشر الكتاب المقدس

     اختار الدكتور اندراوس وطسن سنة 1860 وهى السنة الخامسة لعمل الارسالية الامريكية لتكون:

" سنة نشر الكتاب المقدس" وفى هذه السنة طُرحت كميات كبيرة من الكتاب المقدس وأجزائه فى أنحاء البلاد خصوصا فى الموالد.

     ولما  اشتريت العوامة ( أيبس) فى سبتمبر من نفس السنة من مسز روبرت فلمنج استخدمها القسوس لانسنج وهوج وماكيج فى نشر الإنجيل وقام الدكتور ماكيج بهذا العمل على مدى خمسة أسابيع قضاها بين القاهرة والأقصر على مركب. وفى أسيوط كان يطوف ممتطيا حماراً محملاً بالكتب مناديا: " الكتاب المقدس للبيع" . وقد رافقه فى هذه المرحلة أربعة من المصريين، أحدهم اسمه ابراهيم يوسف الذى عمل فى أسيوط بالتدريس بينما ظل الآخر فى الأقصر ليفتح مدرسة هناك وفى نهاية السنة اتجهت حملة أخرى برئاسة القس لانسنج الى الجنوب على العوامة أيبس وكانت مدينة الأقصر مركزا للخدمة حتى بداية مارس 1861، واستمر العمل فى الشتاء بتعضيد من اللورد ابردين وقرينته اللذين كانا يقضيا الشتاء فى عوامة قرب الأقصر.

     وفى اسنا أقام القس لانسنج ورفاقه داخل  خيمة لمدة عشرة أيام يقدمون الانجيل مطبوعا ومسموعا فى خلال الوعظ. وقد ذكر القس لانسنج أنه من خلال شتاء السنة المذكورة ذهب الى نحو 70 قرية بين القاهرة والأقصر. وفى سنة 1886 عينت الارسالية 16 موزعا للكتاب المقدس منهم خمسة فى القاهرة وواحد بكل من الاسكندرية والمنصورة وسبعة فى أسيوط واثنين فى الأقصر – وقد وصل حجم التوزيع سنة 1899 ألى أكثر من 20 ألف نسخة من الأجزاء الكتابية. [3]

     وقد كان هناك تعاون بين جمعيات الكتاب المقدس والارسالية فى عملية نشر الكتاب وتوزيعه. وكانت هناك طبعات لبعض الأسفار الكتابية فى اللغة العامية لفائدة البسطاء، صدرت على النحو التالى:

  • انجيل لوقا اهتم به مستر لوجان والقاضى وليمور سنة 1908.
  • سفر التكوين، انجيل لوقا، انجيل يوحنا 1923.
  • الخروج 1925.
  • العهد الجديد بأكمله ( اهتم به مستر وليم ولكوكس والأستاذ منصور بخيت، 1932).
  • المزامير 1933.
  • رسائل رومية وكورنثوس وغلاطية...الخ فى المدة من 1935حتى 1937.
  • سفر التكوين ، 1949.

دوليب سنغ [4]

     هو أمير هندى يحمل لقب مهراجا، كان والده " رنجيت سنغ" آخر ملوك البنجاب، وكان هذا الأمير قد نفى من بلاد الهند وأقام فى انجلترا، وابان وجوده هناك كانت الحكومة الانجليزية تمنحه معاشا سنويا قدره نحو مليون ريال بخلاف ثروة والده التى كانت فى حوزته، وكانت مكانته الاجتماعية تأتى بعد مكانة أعضاء الأسرة المالكة فى انجلترا.

     وفى سنة 1864 سمح له بالسفر الى الهند، وفى طريقه الى هناك مر بالقاهرة وتأخر فيها بعض الوقت بسبب مرض سكرتيره الخاص، وفى هذا الوقت تعرف على أعضاء الارسالية والتى كان مقرها على مقربة من الفندق الذى كان يقيم فيه، وقد زار مقر الارسالية للمرة الأولى فى يوم 10 فبراير 1864 حيث تعرف على أنشطتها المختلفة، وبعد يومين قدم تبرعا قدره مائة ريال لكى توزع كجوائز على تلاميذ مدارس الارسالية و250 ريال لأنشطة الارسالية الأخرى و 100 ريال لمكتبة مدرسة البنات بالقاهرة.

     وكان المهراجا قد قبل الايمان المسيحى منذ فترة، وكان يتحلى بالتواضع والبساطة والانسانية واللطف والمحبة، مما جذب التفات وحب رجال الكنيسة فى مصر له، وكان يحضر الخدمات الروحية فى بعض الأحيان وهو يرتدى الملابس الهندية، وذات يوم ترك الرسالة التالية للقس يوحنا هوج:

" كنت أرغب فى هذا الصباح أن أتحدث معك على انفراد، ولكن لم أتمكن من ذلك، وغرضى من المحادثة هو أن أسألك إن كان يوجد فى مدرستكم فتاة مسيحية بالحق، قد انضمت الى الكنيسة وتشهد أنت ومسز ديلز أنها تليق أن تكون زوجة لى، وبما أنى شرقى، فأحب أن أجد لى زوجة شرقية. وهل تجعل هذه المسألة سرية بينى وبينك، وتفيدنى قبل قيامى الى السويس هذا المساء حتى إن كان لا يوجد هنا، فأنظر فى ذلك فى الهند عند وصولى اليها. واعلم أن المقامات والرتب العالية لا أهمية لها عندى، بل كل ما احتاج اليه هو فتاة مسيحية بالحق، تحب الرب يسوع بالاخلاص والحق".

     واختيرت فتاة له  تدعى " بمبة" كان عمرها حينئذ نحو 15 عاما، وكانت أمها جارية حبشية وأبوها تاجر ألمانى ثرى، وكانت قد انضمت لعضوية الكنيسة الإنجيلية منذ شهرين، وذهب القس هوج الى المهراجا حيث كان يقيم وحدثه عن الفتاة التى اختيرت لتكون زوجة له، ثم عرض الأمر على والدها الذى بدوره أخذ موافقة ابنته على الزواج من هذا الأمير الهندى الذى يعيش فى انجلترا.

     وتم الزواج- وقدر الأمير خدمة الارسالية فتبرع بمبلغ خمسة آلاف ريال كتقدمة شكر للرب بمناسبة زواجه، ووعد بدفع 2500 ريال سنويا لزيادة عدد الخدام. وبعد الزواج قضى المهراجا وعروسه شهر العسل فى العوامة " أيبس" وفى يناير 1865 عند مغادرتهما مصر تركا العوامة للارسالية لاستخدامها فى الكرازة.

    

 

[1]  رينا هوج، الأستاذ الجليل بين مرسلى وادى النيل: تاريخ المرحوم الدكتور القس يوحنا هوج أحد أوائل مؤسسى طائفة الإنجيليين بالقطر المصرى، ترجمة الشيخ مترى الدويرى، القاهرة، 1917.

[2]   Elder, op., cit.,p.34-36

[3]   The Book of thousand tongues,1938

[4]   Charles Watson ,Egypt and The Christian Crusade.p.164- 165 رينا هوج، مرجع سابق، ص 104- 110


طباعة