المسيح وحده

الأساسيات الخمسة أو المبادئ الخمسة للإصلاح الإنجيلي والمعروفة باصطلاح «Five Solas»، تُعبر عن أهم خمس عقائد أو مبادئ أساسية وهامة بالنسبة للإصلاح الإنجيلي، الذي انطلق مع مارتن لوثر زعيم الإصلاح الإنجيلي في القرن السادس عشر، والكلمة «Sola» كلمة لاتينية تعني «وحيد»، «منفرد»، «حصري»، وهناك خمسة أنواع من تلك «المنفردات والحصريات، «Solas»، وهم: «الكتاب المقدس وحده»، «المسيح وحده»، «النعمة وحدها»، «الإيمان وحده»، «مجد الله وحده».

المبدأ الثاني: المسيح وحده

المسيح وحده «Solus Christus»
مخلص العالم هو المسيح وحده.
«لَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أعمال 4: 12).
سولاس كريستوس باللاتينية «Solus Christus»، وبالإنجليزية «Christ alone»، وتعني في العربيَّة «المسيح وحده»، يؤكد المصلحون الإنجيليون بهذا المبدأ على أنَّ المسيح هو البداية والنهاية، الأول والآخر، لا شيء يُضاف إليه ولا شيء يُوخذ منه، كل شيء منه ينبع وعليه يرتكز عليه، هذا هو جوهر الإيمان المسيحي وموضوعه، محركه وغايته. فلا تجوز مساواة المسيح بشخصٍ أو كتابٍ أو عقيدةٍ أو نظامٍ أو مبدأٍ، ولا يجوز أن يأخذ أحدٌ مكانه لا كشفيع ولا كرئيس لكنيسته.
«المسيح وحده»، تعني أنَّ المسيح هو مخلصنا الوحيد، حيث قدَّم كل ما هو ضروري للتكفير عن خطايانا، وقدَّم كل برٍ ضروري لإرضاء الله، وهذا ما قدمه المسيح وبشكلٍ كامل من خلال حياته وموته وقيامته. هو وحده، مخلصنا الوحيد والمؤدي بنا إلى الله الأب، «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي» (يوحنا 14: 6). وكذلك أعلنها الرسول بطرس مدوَّية، «لَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ». (أعمال 4: 11).
لقد كانت حاجة البشرية إلى وسيط يقف بين الله والناس، ويفتح الطريق أمام الإنسان للوقوف في محضر الله، فعندما شعر أيوب بعدم وجود الوسيط صرخ «لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِحٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا!» (أيوب 9: 33)، وعقيدة «المسيح وحده»، تعني أنَّ المسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والناس، «لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ» (1تيموثاوس 2: 5). وهذا معناه أنَّ «المسيح وحده» هو الوسيط الذي أوجد طريق المصالحة بين الله والبشر، هو الطريق الوحيد المؤدي بنا لله، وأمام وساطة المسيح تنتفي كل الوساطات البشرية، لعجزها من ناحية ولكمال وديمومة وقبول وساطة يسوع المسيح من ناحية أخرى فالمسيح هو الوسيط الوحيد والكافي لأن يدخل بالإنسان إلى محضر الله.
ولأن «المسيح وحده»، فهو الذي يستطيع «أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضاً إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، -وهو الذي يقدر أن يشفع في المؤمنين-إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ» (عبرانيين 7: 25)، ويوصينا الرسول يوحنا ألا نخطئ، ولكن إن أخطأ أحد، فلنا المسيح وحده، شفيعنا عند الأب، «يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ» (1يوحنا 2: 1).
و «المسيح وحده»، هو الذي بعدما خلصنا، منحنا كهنوته، فصار المؤمن كاهناً لله، يكتب يوحنا الرائي أنَّ، «يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ. الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، وَجَعَلَنَا مُلُوكاً وَكَهَنَةً لِلَّهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ» (رؤيا 1: 5، 6). وهذا يعني أنه لا شفاعة ولا وساطة لأي كاهن أو أي شخصٍ أخر. لقد أصبح كل مسيحي قادراً على الاقتراب من عرش الله مع «المسيح وحده»، كما أنه يتمتع بالمسيح الشفيع والمحامي. وهنا يصبح المؤمن حراً في أن يسبح الله، ويعترف له بخطاياه، ويقدم الشكر له.
لذلك يُخطئ مَن يظن أن كاهناً، أو قديساً ما، أو أي إعلانٍ أعلنه مجمع كنسي، أو قرار بابوي، كالذي أعلنه البابا أنوسنت الثالث (1160-1216)، ونَصه: «البابا هو نائب يسوع المسيح، وخليفة بطرس. هو ممسوح من الرب، إله فرعون، وسيط بين الله والناس. هو أدنى من الله لكنه أعلى من الإنسان ،يحاكم الجميع ولا يحاكمه أحد»، وهكذا أي قائلٍ بأن الخلاص يمكن أن يتحقق للإنسان من خلال أي شئ أو إنسان آخر غير المسيح، أو حتى يتم من خلال المسيح وأشياء أخرى، إنما هو تعليم محض افتراء.
إن عقيدة «المسيح وحده»، تخبرنا وتؤكد لنا أننا لا نحتاج لأن نضع ثقتنا في أي شيء أو أي شخص غير «المسيح وحده».


طباعة